قوله : (لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) قرأ ابن (١) كثير ، وأبو عمرو «لتخذت» بفتح التاء ، وكسر الخاء من تخذ يتخذ ك «تعب يتعب». والباقون «لاتّخذت» بهمزة الوصل ، وتشديد التاء ، وفتح الخاء من الاتّخاذ ، واختلف : هل هما من الأخذ ، والتاء بدل من الهمزة ، ثم تخذف التاء الأولى فيقال : تخذ ، كتقي من «اتّقى» نحو قوله : [الطويل]
٣٥٥٧ ـ ........... |
|
تق الله فينا والكتاب الّذي تتلو (٢) |
أم هما من تخذ ، والتاء أصيلة ، ووزنهما فعل وافتعل؟ قولان تقدّم تحقيقهما في هذا الموضوع ، والفعل هنا على القراءتين متعدّ لواحد ؛ لأنّه بمعنى الكسب.
قوله : (فِراقُ بَيْنِي) : العامة على الإضافة ؛ اتّساعا في الظرف ، وقيل : هو بمعنى الوصل. كقوله : [الطويل]
٣٥٥٨ ـ ........... |
|
وجلدة بين العين والأنف سالم (٣) |
وحكى القفال (٤) عن بعض أهل العربيّة أنّ البين هو الوصل ؛ لقوله (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) [الأنعام : ٩٤] ، فيكون المعنى هذا فراق اتصالنا ، كقول القائل : أخزى الله الكاذب بيني وبينك ، أي : أحدنا هكذا. قاله الزجاج.
وقرأ ابن أبي (٥) عبلة «فراق» بالتنوين على الأصل ، وتكرير المضاف إليه عطفا بالواو هو الذي سوّغ إضافة «بين» إلى غير متعدد ؛ ألا ترى أنّك لو اقتصرت على قولك : «المال بيني» لم يكن كلاما ؛ حتى تقول : بيننا أو بيني وبين فلان.
وقوله : «هذا» أي : هذا الإنكار على ترك الأجر هو المفرّق بيننا.
وقيل : إنّ موسى ـ عليهالسلام ـ لمّا شرط أنّه إن سأله بعد ذلك سؤالا آخر ، حصل الفراق بقوله : [«إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني» فلما ذكر هذا السؤال فارقه ذلك العالم ، وقال](٦) : (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) أي : هذا الفراق [الموعود](٧) ، ثم قال : (سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً).
قرأ (٨) ابن وثّاب «سأنبيك» بإخلاص الياء بدل الهمزة.
قوله تعالى : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ) : العامة على تخفيف السين ، جمع
__________________
(١) ينظر : السبعة ٣٩٦ ، والنشر ٢ / ٣١٤ ، والتيسير ١٣٥ ، والحجة ٤٢٥ ، وإعراب القراءات ١ / ٤٠٨ ، والحجة للقراء السبعة ١ / ١٦٣ ، والقرطبي ١١ / ٢٣ ، والبحر ٦ / ٤٤ ، والدر المصون ٤ / ٤٧٦.
(٢) ينظر : روح المعاني ٦ / ١٧ ، الدر المصون ٤ / ٤٧٦.
(٣) تقدم.
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٢١ / ١٣٤.
(٥) ينظر : الكشاف ٢ / ٧٤٠ ، والبحر ٦ / ١٤٤ ، والدر المصون ٤ / ٤٧٧.
(٦) سقط من أ.
(٧) في أ: المعهود.
(٨) ينظر : البحر ٦ / ١٤٤ ، والدر المصون ٤ / ٤٧٧.