ويُعْرف التمثيل في عرف الفقهاء بالقياس ، وهو أحد الحجج الّتي تعتمد عليه أكثر المذاهب الفقهية السنية ، وسيظهر لك فيما يأتي مدى إمكان الاعتماد عليه.
ومثال التمثيل في الشريعة : استنباط حكم النبيذ من حكم الخمر لتشابههما في جهة الإسكار ، فيقال إنّ النبيذ حرام كالخمر ، لاشتراكهما في الإسكار.
ولا تنحصر الاستفادة منه في مجال الفقه ، فإنّه كثيراً ما يكون مأخذاً في المسائل الفردية والاجتماعية. أُفرض أَنَّك قرأت كتاباً من كاتب ، فوجدته كتاباً نافعاً مشتملاً على دقائق علمية. ثمّ سمعت أنّه قد نُشر له كتاب آخر ، فتحكم ـ بواسطة التمثيل ـ بأنّه أيضاً نافع ، لاشتراكهما في كونهما صادرين من مؤلف ومفكّر واحد.
وللتمثيل أركان أربعة :
١. الأصل ، وهو الجزئي الأوّل المعلوم ثبوت الحكم له ، كالخمر.
٢. الفرع ، وهو الجزئي الثاني المطلوب إثبات الحكم له ، كالنبيذ.
٣. الجامع ، وهو جهة الشبه بين الأصل والفرع ، كالإسكار.
٤. الحكم ، وهو ما عُلم ثبوته للأصل ، والغرض إثباته للفرع ، كالحرمة.
فإذا توفّرت هذه الأركان ، تحقَّق التمثيل ، ولو فقد واحد منها ، اختلت أركانه.
وثبوت الجامع ووجه الشبه يحصل بطرق ثلاثة :
الأوّل : الدوران ، وهو ترتب الحكم على الوصف الّذي له صلاحية العليّة ، وجوداً وعدماً ، كترتب الحرمة في الخمر ، على الإسكار ، فإنّه ما دام مسكراً ، حرامٌ ، فإذا زال عنه الإسكار ، زالت الحرمة. والدوران علامةُ كون المدار ـ أعني الوصف ـ علّة للدائر ، أي الحكم.
الثاني : الترديد ، ويسمّى بالسبر والتقسيم. وهو أنّ يتفحّص أولاً أوصاف