وقد اعترف من اعترف منهم بهذه الأداة من دون أن يحدد طريق الوصول إليها وكيفية الاستضاءة بها. وبعبارة أُخرى : هم حدّدوا طريق المعرفة بآلية الحسّ والعقل ، فطرحوا مباحث قيّمة في كيفيّة الاستضاءة بهما ، وإزالة الموانع الّتي تعرقل مسيرة الإنسان لاكتساب المعرفة بهما. ولكنهم سكتوا عن آلية الإشراق ، وأنّه كيف يصل الإنسان إلى تلك الأداة ، وكيف يستضيء منها ، وما هي مُعِدّاتُها وشرائطها ، وما هي موانعها.
إلّا أنّ العرفاء الإسلاميين حرّروا هذا الجانب فكشفوا عن آلية القلب (١) ، وقالوا إنّ الإنسان يصل إلى مرتبة خاصة من الاستشراق والاستلهام إذا طوى منازل خاصة ، هي :
١. اليقظة.
٢. التوبة.
٣. المحاسبة.
٤. الإنابة.
٥. التفكّر.
٦. التذكر.
٧. الاعتصام.
٨. الانقطاع.
٩. كبح جماح النفس.
١٠. درك اللطائف.
وقد فصلوا الكلام في هذه المنازل الّتي تسمّى عندهم «منازل السائرين».
وفيما يلي نذكر هنا إجمالاً آليّة هذه الأداة :
__________________
(١) ليس المراد من القلب الجسم الصنوبري الّذي ليس له وظيفة سوى ضخّ الدم إلى أجزاء البدن ، بل المراد نفس الإنسان وروحه الواعية. وإليه يشير قوله سبحانه : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (ق : ٣٧) ومن المعلوم أنْ ليس المراد من القلب هنا هو القلب الجسماني ، لأنّ كل إنسان يمتلك هذا القلب وإنّما المراد من كان له عقل مدرك وواع.