إنّ الجواب الّذي ذكره صدر المتألهين ، مبني على التفريق بين الحمل الأولي ، والحمل الشائع الصناعي.
والمراد من الأوّل ، وحدة المحمول مع الموضوع مفهوماً ، كالإنسان إنسانٌ ، أو الإنسان حيوان ناطق. فالمقصود أنّ الموضوع نفس المحمول مفهوماً ، ولا نظر إلى خارج المفهوم.
والمراد من الثاني ، هو وحدتهما مصداقاً وخارجاً ، عيناً وتحققاً ، كقولنا : زيد إنسان ، فالوحدة هنا لا تعني الوحدة في المفهوم ، لوضوح مغايرتهما ، بل تعني الوحدة تحققاً ، وأنّ زيداً ، والإنسان ، متحققان بوجود واحد. ومثله : زيد قائم وآكل.
ولأجل اختلاف الحَمْلَين حقيقةً ، يشترط في تحقق التناقض بين قضيتين ، وحدة الحمل فيهما ، ولولاها ربما يجتمع الإيجاب والسلب بلا تناقض (١) ، فيصح أن يقال :
«زيد إنسان».
و «زيد ليس بإنسان».
أما الأوّل ، فبالحمل الشائع الصناعي.
وأمّا الثاني ، فبالحمل الأولي.
إذا اتّضح ذلك ، فعلينا أن نقف على المراد من كون الإنسان الذهني جوهراً ، هل هو جوهر بالحمل الأولي ، أو جوهر بالحمل الشائع الصناعي.
والحق هو الأوّل ، إذ ليس للإنسان الذهني من الجوهرية نصيب إلّا مفهومها ، فإذا قيل بأنّ الإنسان : جوهر ، جسم ، نام ، حساس ... فالمراد أنّ الإنسان الكلّي ، في مقام التحليل ، ينحل إلى تلك المفاهيم ، ولكنه لا يمتلك سوى المفهوم لا الواقعية والعينية. وما له الواقعية والعينية من ذلك الجوهر ، فإنّما هو المصداق الخارجي لذلك الإنسان الكلي ، وهو زيد الفرد الخارجي ، فإنّه هو الجوهر حقيقةً.
__________________
(١) ولذلك أضيفت وحدة الحمل على الوحدات الثمان المشتَرَطَة في تحقق التناقض.