مثلاً : تقول : «زيد إنسان» ، ثمّ تقول : «والإنسان نوع» ، فتستنتج : «زيد نوع». ولا شكّ أنّ النتيجة خاطئة ، لعُقم صورة القياس لأنّه من الشكل الأَول ، ويشترط فيه كلية كبراه ، ومن المعلوم أنّ القول بأنّ كلَّ إنسان نوع غلط (٣).
وأمّا المادة ، فتراعى فيها أيضاً شروطها الّتي تختلف باختلاف أنواع القياس :
فالقياس البرهاني يجب أن يكون مستمداً من اليقينيات ، لأنّ الهدف منه هو تحصيل الإيمان والإذعان بالواقع ، سواء أكان هناك منكِر أم لا ، ومثل ذلك لا يتألّف إلّا ممّا ذكرنا(١).
والقياس الجَدَلي يجب أن يؤلف من المشهورات والمسلّمات ، بل يمكن تخصيص الجدل بالثاني ، أي ما هو مسلّم عند الخصم ، فإنّ الهدف منه هو إقناع الخصم وإفحامه ، وهو لا يخضع إلّا لما كان مسلّماً عنده وربما يرفض ما تطابقت عليه آراء غيره.
والقياس الخطابي يجب أن يؤلف من المقبولات والمظنونات : والمراد من المقبولات : القضايا الّتي تؤخذ عمن يعتقد بصحة قوله ، كالحكماء والخبراء. والمراد من المظنونات : القضايا الّتي يحكم بها العقل حكماً راجحاً غير جازم. وبما أنّ الهدف من القياس الخطابي إرشاد العامة ، فيستمد الخطيب من التمثيل والاستقراء. مثلاً يقول : الظالمون قصار الأعمار ، أما رأيتم أنّ فلاناً الظالم وفلاناً وفلاناً ، ماتوا في عنفوان شبابهم.
__________________
ويشترط في الشكل الثاني : ١. كلية الكبرى.
٢. اختلاف المقدمتين في السلب والإيجاب.
ويشترط في الشكل الثالث : ١. إيجاب الصغرى.
٢. كلية إحدى المقدمتين.
ويشترط في الشكل الرابع : ١. أن لا تكون إحدى مقدماته سالبة جزئية.
٢. كلية الصغرى إذا كانت المقدمتان موجبتين.
(١) ويمكن أن يقال بأنّ الحدّ الأوسط لم يتكرر بعينه ، فإنّ الإنسان المحمول في الصغرى يراد منه مصداق الإنسان (بالحمل الشائع) والإنسان الموضوع في الكبرى يراد منه مفهوم الإنسان (بالحمل الأولي) فلم يتكرر بعينه.
(٢) عُرّف البرهان بأنّه قياس مؤلف من قضايا ، ينتج يقيناً بالذات اضطراراً.