الإيضاح ، نأتي بمثالين ، تتنوّع نتائجهما بين صادقة وباطلة.
أ. هجوم العدو ، بلاء.
وكل بلاء ، يجب الصبر عنده.
فهجوم العدو ، يجب الصبر عنده.
ترى أَنّ النتيجة صادقة ، أوّلاً. وأنَّها موقوفة على كلتا المقدمتين ، ثانياً. وأنّ دورَ الصغرى ـ الّتي هي حكمة نظرية ـ دورُ تعيين الموضوع ، ثالثاً. وأنّ الكبرى ـ الّتي هي حكمة عملية ـ إمّا واضحة بالذات أو منتهية إلى ما هو كذلك ، رابعاً.
ب. الإنسان ، مختلف الأعراق.
وكلُّ مختلف الأعراق ، يجب أن يكون متفاوت الحقوق.
فالإنسان ، يجب أن يكون متفاوت الحقوق.
وهنا ترى أنّ النتيجة كاذبة ـ عندنا ـ ، وما ذلك إلّا لأنّ الكبرى غير واضحة بالذات ولا منتهية إلى ما هو كذلك. وإن شئت قلت : ما دلّ على صحتها عقل ولا شرع.
فتلخص من ذلك أنّ دورَ المعرفة النظرية ، الّتي نعبّر عنها بالنظرة العامة إلى الكون ، إنّما هو تعيين موضوعات قضايا المعرفة العملية.
وما ذكرناه من أنّ الانتقال من الحكمة النظرية إلى حكم عملي جزئي يحتاج إلى واسطة ، أشار إليه الشيخ الرئيس في الإشارات بقوله : «فمن قواها ما لها بحسب حاجتها إلى تدبير البدن ، وهي القوة الّتي تختص باسم العقل العملي ، وهي الّتي تستنبط الواجب فيما يجب أن يفعل من الأُمور الإنسانية ، جزئيّةً ، ليتوصل به إلى أغراض اختيارية ، من مقدّمات أوليّة ، وذائعة ، وتجربيّة ، باستعانة بالعقل النظري في الرأي الكلّي إلى أن ينتقل به إلى الجزئي» (١).
فقوله : «باستعانة بالعقل النظري في الرأي الكلي ، إلى أن ينتقل به إلى
__________________
(١) شرح الإشارات : ٢ / ٣٥٢.