منتهية بالسبر والتقسيم إلى أُصول بديهية لا تحتاج في التعرف عليها ، غير تصور الطرفين والنسبة الموجودة بينهما.
* * *
إلى هنا فرغنا من تبيين المنهجين : إنكار الحقائق والشكّ في الوصول إليها ، وكلا المنهجين سفسطة ، والقائل بهما سوفسطائي ، وليس «السوفسطائي» مختصّاً بمنكر الحقائق والواقعيات ، بل يعمّ الشاكّ فيها ، وفي إمكان نيل الخارج والاتّصال به بأدوات المعرفة.
قال ابن حزم (المتوفّى ٤٥٦ ه) : «السوفسطائية مبطلو الحقائق ، وهم ثلاثة أصناف : فصنفٌ منهم ألغوا الحقائق ، وصنف منهم شكّوا فيها ، وصنف منهم قالوا هي حقٌّ عند مَنْ هي حقٌّ عنده وباطل عند من هي باطل عنده» (١).
وهذا القسم الثالث الّذي أخبر عنه ابن حزم قد تجلّى في العصور الأخيرة باسم النسبيين ، فهم يحاولون إثبات أنّه ليس للحق والباطل معيار خاص ، بل تتصف بهما الأشياء باعتبار القائلين بهما ، وستوافيك نظريتهم عند عرض المناهج الغربية في نظرية المعرفة.
__________________
(١) الفِصَل : ٤ / ١٤.