[واستدلّ بالآيتين أيضا على أن أفعاله عليهالسلام على الوجوب ، قال السيّد :]
ويقال لهم في قوله : (فَاتَّبِعُوهُ) هذه الآية قد بيّنّا أنّها توجب التأسّي به عليهالسلام ، وأنّ التأسّي لا بدّ فيه من اعتبار وجه الفعل ، وما يفعله عليهالسلام ندبا لا نكون متّبعين له فيه بأن نفعله واجبا ، بل نكون مخالفين له ، فالآية دليل لنا على هذا الترتيب.
ويقال لهم في قوله : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) هذه الآية أيضا تدلّ على صحّة ما ذهبنا إليه ، والكلام على الآيتين واحد في اعتبار شرط التأسّي فيهما ، فبطل تعلّق مخالفينا بها (١).
ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (٢٩)) [الأحزاب : ٢٨ ـ ٢٩].
[قيل :] إن التخيير باطل لا يقع به فرقة وكذلك التمليك. وهذا سهو من قائله ؛ لأنّ فقهاء الشيعة الإمامية يفتون بجواز التخيير ، وأنّ الفرقة تقع به ، مشحونة به أخبارهم ورواياتهم عن أئمتهم عليهمالسلام متظافرة فيه.
وقد تبيّنوا في مصنّفاتهم بقية هذا التخيير ، فقالوا : إذا أراد الرجل أن يخيّر امرأة اعتزلها شهرا ، وكان ذلك على طهر من غير جماع في مثل الحال التي لو أراد أن يطلّقها فيها طلّقها ، ثم خيّرها فقال لها : قد خيّرتك أو قد جعلت أمرك إليك ، ويجب أن يكون قولك بشهادة ، فإن اختارت نفسها من غير أن تتشاغل بحديث من قول أو فعل كان يمكنه أن لا تفعله ، صحّ اختيارها.
وإن اختارت بعد تشاغلها بفعل لم يكن اختيارها ماضيا ، فإن اختارت في جواب قوله لها ذلك وكانت مدخولة وكان تخييره إيّاها عن غير عوض أخذه منها ، كانت كالمطلّقة الواحدة التي هي أحقّ برجعتها في عدّتها ، وإن كانت غير مدخول بها فهي تطليقة بائنة ، وإن كان تخييره إيّاها عن عوض أخذه منها ، فهي
__________________
(١) الذريعة ، ٢ : ٥٨٣.