سورة التحريم
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التحريم : ١].
[فان قيل : ما وجه هذه الآية] أو ليس ظاهر هذا الخطاب يتضمّن العتاب؟ والعتاب لا يكون إلّا على ذنب كبير أو صغير؟.
الجواب : قلنا : ليس في ظاهر الآية ما يقتضي عتابا وكيف يعاتبه الله تعالى على ما ليس بذنب ؛ لأنّ تحريم الرجل بعض نسائه لسبب أو لغير سبب ليس بقبيح ولا داخل في جملة الذنوب ، وأكثر ما فيه أنّه مباح.
ولا يمتنع أن يكون قوله تعالى : (لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ) خرج مخرج التوجّع من حيث يتحمّل المشقّة في إرضاء زوجاته ، وإن كان ما فعل قبيحا. ولو أن أحدنا أرضى بعض نسائه بتطليق أخرى أو بتحريمه الحسن أن يقال له : لم فعلت ذلك وتحمّلت المشقّة فيه ، وإن كان ما فعل قبيحا. ويمكن أيضا إذا سلّمنا أنّ القول يقتضي ظاهره العتاب أن يكون ترك التحريم أفضل من فعله ، فكأنّه عدل بالتحريم عن الأولى. ويحسن أن يقال لمن عدل عن النفل : لم لم تفعله؟ وكيف عدلت عنه؟ والظاهر الذي لا شبهة فيه قد يعدل عنه لدليل ، فلو كان للآية ظاهر يقتضي العتاب لجاز أن يصرفه إلى غيره لقيام الدلالة على أنّه لا يفعل شيئا من الذنوب ، ولأنّ القصّة الّتي خرجت الآية عليها لا يقتضي ما له تعلّق بالذنب على وجه من الوجوه (١).
__________________
(١) تنزيه الأنبياء والأئمّة : ١٦٨. وراجع أيضا الأمالي ، ٢ : ٣٣٠.