ويقال لهم في تعلّقهم بهذه الآية على الوجه الثاني : إذا كان تعالى قد نبّه على ما زعمتم بالآية على أن المشاركة في السبب والعلّة تقتضي المشاركة في الحكم ، فيجب أن يكون كلّ من فعل مثل فعل الّذين أخبر الله تعالى عنهم في الآية أن يحلّ به مثل ما حلّ بهم.
فإن قالوا : كذلك هو ، أريناهم بطلان قولهم ضرورة ، لوجودنا من يشارك المذكورين في المخالفة والمعصية وإن لم يصبه ما أصابهم (١).
ـ (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ...) [الحشر : ٧].
روى سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : «نحن والله الذين عنى الله بذي القربى الذين قرنهم الله بنفسه وبنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) وكلّ هؤلاء منا خاصّة لم يجعل لنا سهما في الصّدقة أكرم الله تعالى بها نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس» (٢).
ـ (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨) وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)) [الحشر : ٨ ـ ٩].
[نقل القاضي استدلال واصل بن عطاء بهاتين الآيتين على بطلان طريقة الإمامية في سوء الثناء على بعض الصحابة.
قال السيّد :] فأول ما فيه أن أبا بكر يجب أن يخرج عن هذه الآية على أصول مخالفينا ؛ لأنّه على أصولهم كان غنيّا مؤسرا كثير المال ، واسع الحال ،
__________________
(١) الذريعة ، ٢ : ٧٨١.
(٢) الشافي في الإمامة وإبطال حجج العامّة ، ٤ : ١٨٧.