ـ (فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ...) [الكهف : ٦٣]
أنظر البقرة : ٢٦ ، ٢٧ من الرسائل ، ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧.
ـ (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (٦٥) قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (٦٦) قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (٦٨) قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (٦٩) قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (٧٠)) [الكهف : ٦٥ ـ ٧٠] إلى آخر الآيات المتضمّنة لهذه القصّة.
[فإن قيل : فما وجه قوله تعالى فيما حكاه عن موسى عليهالسلام والعالم الّذي كان صحبه وقيل : إنّه الخضر عليهالسلام] وأوّل ما تسألون عنه في هذه الآيات أن يقال لكم : كيف يجوز أن يتّبع موسى عليهالسلام غيره ويتعلّم منه ، وعندكم أنّ النبي عليهالسلام لا يجوز أن يفتقر إلى غيره؟ وكيف يجوز أن يقول له : انك لن تستطيع معي صبرا ، والاستطاعة عندكم هي القدرة وقد كان موسى عليهالسلام على مذهبكم قادرا على الصبر؟ وكيف قال موسى : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) ، فاستثنى المشيئة في الصبر وأطلق فيما ضمنه من طاعته واجتناب معصيته؟ وكيف قال : (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) (١) و (شَيْئاً نُكْراً) (٢) وما أتى العالم منكرا في الحقيقة؟ وما معنى قوله : (لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ) (٣) وعندكم أنّ النسيان لا يجوز على الأنبياء عليهمالسلام؟ ولم نعت موسى عليهالسلام النفس بأنّها زكيّة ولم تكن كذلك على الحقيقة؟ ولم قال في الغلام : (فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً) (٤) فإن كان الّذي خشيه الله تعالى على ما ظنّه قوم ، فالخشيّة لا يجوز عليه تعالى؟ وإن كان هو الخضر عليهالسلام فكيف يستبيح دم الغلام لأجل الخشيّة والخشيّة لا تقتضي علما ولا يقينا؟.
__________________
(١) سورة الكهف ، الآية : ٧١.
(٢) سورة الكهف ، الآية : ٧٤.
(٣) سورة الكهف ، الآية : ٧٣.
(٤) سورة الكهف ، الآية : ٨٠.