[انظر أيضا البقرة ٢٦ و ٢٧ من الرسائل ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧ رسالة انقاذ البشر من الجبر والقدر].
ـ (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ ...) [الزخرف : ٧٧].
أنظر الانشراح : ١ ، ٢ ، ٣ من التنزيه : ١٦١.
ـ (وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [الزخرف : ٨٦].
[إن سأل سائل عن هذه الآية] قلنا : أمّا (الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) فالمراد به ما كان يعتقده المشركون ، ويدعونه إلها من دون الله. والهاء في (دُونِهِ) راجعة إلى اسم الله تعالى. وتحقيق الكلام : ولا يملك الذين يدعون إلها وأربابا من دون الله تعالى الشفاعة. ولمّا كثر استعمال هذه اللفظة فيمن يعبد من دون الله ، ويدعى إلها رازقا استحسنوا الحذف لظهور الأمر في المراد ؛ ولهذا حمل محققو المفسّرين قوله تعالى : (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) (١) الآلهة من دونه ، وحذف ما يتعلّق بهذا الدعاء في هذه الآية أشكل من حذفه في قوله تعالى : (الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) ؛ لأنّ قوله «جلّ وعزّ» : (مِنْ دُونِهِ) قد نبّه وأيقظ على أنّ المراد : من كان يدعى إلها من دونه.
والآية الأخرى لا دليل فيها من لفظها على ما يتعلّق به قوله : (دُعاؤُكُمْ).
معنى أنّهم لا يملكون الشفاعة ، أي ليس لهم أن يفعلوها ويتصرّفوا فيها ؛ لأنّ معنى المالك ليس هو إلّا من كان قادرا على التصرّف فيه وليس لأحد أن يمنعه من ذلك ؛ والشفاعة قد بيّنا في غير موضع من كتبنا أنّها لا تستعمل على طريقة الحقيقة إلّا في طلب إسقاط المضارّ ؛ وإنّما استعملت في إيصال المنافع تجوّزا فيه واستعارة.
وقيل في معنى الآية وجهان :
أحدهما : أنّ المعبودين من عيسى ومن مريم والملائكة وعزيز عليهمالسلام ؛ لا
__________________
(١) سورة الفرقان ، الآية : ٧٧.