سورة النّور
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ـ (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ ...) [النور : ٢].
[فيها أمور : الأوّل :] وممّا ظنّ انفراد الإمامية به وأهل الظاهر يوافقونهم فيه ، القول : بأنّه يجمع على الزاني المحصن بين الجلد والرجم ، يبدأ بالجلد ويثني بالرجم ، وداود مع أهل الظاهر يوافقونهم على ذلك (١) ، وخالف باقي الفقهاء وقالوا : لا يجتمع الجلد والرجم بل يقتصر في المحصن على الرجم (٢) ، دليلنا على ما ذهبنا إليه إجماع الطائفة ، وأيضا لا خلاف في استحقاق المحصن الرجم ، وإنّما الخلاف في استحقاق الجلد ، والذي يدلّ على إستحقاقه إياه قوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) (٣) والمحصن يدخل تحت هذا الاسم فيجب أن يكون مستحقا للجلد ، وكأنّه تعالى قال : اجلدوهما لأجل زناهما ، وإذا كان الزنا علّة في استحقاق الجلد وجب في المحصن ، كما وجب في غيره ، واستحقاقه للرجم غير مناف لاستحقاقه للجلد ؛ لأنّ إجتماع الاستحقاقين لا يتنافى ، وليس يمكنهم أن يدّعوا دخول الجلد في الرجم ، كما يدّعون دخول المسح في الغسل ؛ لأنّ من المفهوم أنّه متميّز منه وغير داخل فيه.
فإن قالوا هذه الآية محمولة على الأبكار ، قلنا : هذا تخصيص بغير دليل ، فان عوّلوا في تخصيصه على ما رووه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : فان اعترفت فارجموها (٤) ولم يذكر الجلد.
__________________
(١) المغني (لابن قدامة) ، ١٠ : ١٢٤.
(٢) المجموع ، ٢٠ : ٧.
(٣) سورة النور ، الآية : ٢.
(٤) صحيح البخاري ، ٨ : ٢٠٨.