ثمّ عمرو ، وإنّما حضرا في وقت واحد! (١).
ـ (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) [طه : ١١٥]
أنظر البقرة : ٢٨٦ من الأمالي ، ٢ : ١١٤ والكهف : ٥٦ ، ٧٠ من التنزيه : ١١٨.
ـ (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) [طه : ١٢١].
قالوا : وهذا تصريح بوقوع المعصية التي لا تكون إلّا قبيحة ، وأكدّه بقوله : (فَغَوى) ، وهذا تصريح بوقوع المعصية ، والغيّ ضدّ الرشد.
الجواب : يقال : لهم أمّا المعصية فهي مخالفة الأمر ، والأمر من الحكيم تعالى قد يكون بالواجب وبالمندوب معا ، فلا يمتنع على هذا أن يكون آدم عليهالسلام مندوبا إلى ترك التناول من الشجرة ، ويكون بمواقعتها تاركا نفلا وفضلا وغير فاعل قبيحا ، وليس يمتنع أن يسمّى تارك النفل عاصيا ، كما يسمّى بذلك تارك الواجب ؛ فإن تسمية من خالف ما أمر به سواء كان واجبا أو نفلا بأنّه عاص ظاهرة ، ولهذا يقولون : «أمرت فلانا بكذا وكذا من الخير فعصاني وخالفني» ، وإن لم يكن ما أمره به واجبا ، وأما قوله «فغوى» ، فمعناه أنّه خاب ؛ لأنّا نعلم أنّه لو فعل ما ندب إليه من ترك التناول من الشجرة لأستحقّ الثواب العظيم ، فإذا خالف الأمر ولم يصر إلى ما ندب إليه ، فقد خاب لا محالة ، من حيث أنّه لم يصر إلى الثواب الّذي كان يستحقّ بالامتناع ، ولا شبهة في أنّ لفظ «غوى» يحتمل الخيبة. قال الشاعر :
فمن يلق خيرا يحمد النّاس أمره |
|
ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائما (٢) (٣) |
[على] انّ قوله تعالى : (فَغَوى) بعد قوله : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ) لا يليق إلّا بالخيبة ، ولا يليق بالغي الّذي هو القبيح وضدّ الرشد ؛ لأنّ الشيء يعطف على
__________________
(١) الأمالي ، ٢ : ٣٠٠.
(٢) البيت للمرقش الأصغر راجع الأغاني ٢ : ١٥٨.
(٣) تنزيه الأنبياء والأئمّة : ٢٥.