سورة الكافرون
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ـ (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (٢) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٣) وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (٤) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)) [الكافرون : ١ ـ ٦].
إن سأل سائل فقال : ما وجه التّكرار في سورة الكافرون ، وما الذي حسّن إعادة النفي لكونه عابدا ما يعبدون ؛ وكونهم عابدين ما يعبد ، وذكر ذلك مرّة واحدة يغني. وما وجه التكرار أيضا في سورة الرحمن لقوله تعالى : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (١).
الجواب : يقال له : قد ذكر ابن قتيبة في معنى التّكرار في سورة الكافرون وجها ، وهو أن قال : القرآن لم ينزل دفعة واحدة ، وإنّما كان نزوله شيئا بعد شيء ، والأمر في ذلك ظاهر ، فكأنّ المشركين أتوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا له : استلم بعض أصنامنا حتى نؤمن بك ؛ ونصدّق بنبوّتك ، فأمره الله تعالى بأن يقول له : (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) الكافرون (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) ، ثمّ غبروا مدّة من الزمان وجاؤوه فقالوا له : أعبد آلهتنا ، واستلم بعض أصنامنا يوما أو شهرا أو حولا ، لنفعل مثل ذلك بإلهك ، فأمره الله تعالى بأن يقول لهم : (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (٤) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٣)) ؛ أي إن كنتم لا تعبدون إلهي إلّا بهذا الشرط فإنّكم لا تعبودنه أبدا.
وقد طعن بعض الناس على هذا التأويل بأن قال : إنّه يقتضي شرطا وحذفا
__________________
(١) سورة الرحمن ، الآية : ١٣.