سورة الحديد
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ـ (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الحديد : ٣].
[فيها أمران :
الأوّل :] ويوصف تعالى بانه «أوّل» ، وقد ورد الكتاب به ، فالفائدة أنه موجود قبل كلّ موجود (١).
[الثاني :] فصل في ذكر ما يدلّ على فناء الجواهر من جهة السمع.
آكد ما يدلّ على ذلك إجماع الأمّة على أنه تعالى يفني الجواهر ثمّ يعيد ، وأنه تعالى قادر على افناء الجواهر ، وهو معلوم ضرورة من حالهم.
ويدلّ على ذلك أيضا قوله تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) وكونه أوّلا يقتضي أن يكون سابقا للموجودات كلّها ، وكونه آخرا يقتضي أن يكون آخرا للموجودات.
غير أن الدليل قد دلّ على أن الجنّة والنار دائمتان ، والثواب والعقاب لا ينقطعان ، فيجب أن يكون تعالى آخرا منفردا بالوجود قبل دخول الخلق الجنّة والنار ، وهذا يقتضي فناء الجواهر وسائر الموجودات.
وممّا يدلّ على ذلك قوله تعالى : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) (٢) وحقيقة الفناء هو العدم. وإذا كان فناء لبعض الجواهر يقتضي فناء الجميع على ما بينته ، علمنا أن جميع العالم وان لم يكن داخلا تحت قوله تعالى : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) لا بدّ أن يفنى.
__________________
(١) الذخيرة : ٥٧٧.
(٢) سورة الرحمن ، الآية : ٢٦.