فأما قوله : «وكذلك القول فيما تقدّم لأنّه إذا قال في عترته : إنّ من تمسّك بها لم يضل فإنّما يدلّ على إثبات هذا الحكم لها ولا يدلّ على نفيه عن غيرها» فباطل ؛ لأنّه قد بيّنا دلالة هذا الخبر على أن إجماع أهل البيت حجّة وممّا أجمعوا عليه ؛ لأن خلافهم غير سائغ ، وإن مخالفهم مبطل فيجب أن يكون قولهم في هذا حجّة كسائر أقوالهم ، وهذا يبطل ما ظنّه صاحب الكتاب من تجويز أن يكون الحق في جهتهم وجهة من خالفهم (١).
ـ (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ...) [الأحزاب : ٣٦].
أنظر النور : ٦٣ من الذريعة ، ١ : ٦٦.
ـ (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) [الاحزاب : ٣٧].
[فان قيل : ما تأويل هذه الآية] أو ليس هذا عتابا له صلىاللهعليهوآلهوسلم من حيث أضمر ما كان ينبغي أن يظهره وراقب من لا يجب أن يراقبه فما الوجه في ذلك؟.
الجواب : قلنا : وجه هذه الآية معروف ، وهو أنّ الله تعالى لمّا أراد نسخ ما كان عليه الجاهلية من تحريم نكاح زوجة الدعيّ ، والدعيّ هو الّذي كان أحدهم يجتبيه ويربّيه ويضيفه إلى نفسه على طريق البنوّة ، وكان من عادتهم ان يحرّموا على أنفسهم نكاح أزواج أدعيائهم ، كما يحرّمون نكاح أزواج أبنائهم ، فأوحى الله تعالى إلى نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن زيد بن حارثة وهو دعيّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سيأتيه مطلّقا زوجته ، وأمره أن يتزوّجها بعد فراق زيد لها ليكون ذلك ناسخا لسنّة الجاهلية الّتي تقدّم ذكرها ، فلمّا حضر زيد مخاصما زوجته عازما على طلاقها ، أشفق الرسول من أن يمسك عن وعظه وتذكيره لا سيّما وقد كان يتصرف على أمره وتدبيره ، فرجف المنافقون به إذا تزوّج المرأة يقذفونه بما قد نزّهه الله تعالى عنه
__________________
(١) الشافي في الإمامة وإبطال حجج العامّة ، ٣ : ١٣٣.