إليه في اللغة ـ روى أن المسح ههنا هو القطع ، وفي الاستعمال المعروف : «مسحه بالسيف» إذا قطعه وبتره ؛ والعرب تقول : «مسح علاوتها» أي : ضربها.
ومنها : أن يكون معنى مسحها هو أنّه أمرّ يده عليها ؛ صيانة لها وإكراما ، لما رأى من حسنها. فمن عادة من عرضت عليه الخيل أن يمرّ يده على أعرافها وأعناقها وقوائمها.
ومنها : أن يكون معنى المسح ههنا هو الغسل ، فإنّ العرب تسمّي الغسل مسحا ، فكأنّه لمّا رأى حسنها أراد صيانتها وإكرامها فغسل قوائمها وأعناقها ، وكلّ هذا واضح (١).
ـ (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ) [ص : ٣٤].
[فان قيل ما معنى هذه الآية] أو ليس قد روي في تفسير هذه الآية أنّ جنّيا ـ كان اسمه صخرا ـ تمثّل على صورته وجلس على سريره ، وأنّه أخذ خاتمه الّذي فيه النبوّة فألقاه في البحر ، فذهبت نبوّته وأنكره قومه حتّى عاد إليه من بطن السمكة.
الجواب : قلنا : أمّا ما رواه الجهّال في القصص في هذا الباب فليس ممّا يذهب على عاقل بطلانه ، وأنّ مثله لا يجوز على الأنبياء عليهمالسلام ، وأنّ النبوّة لا تكون في خاتم ولا يسلبها النبي عليهالسلام ولا ينزع عنه ، وانّ الله تعالى لا يمكّن الجنّي من التمثيل بصورة النبي عليهالسلام ولا غير ذلك ممّا افتروا به على النبي عليهالسلام ، وإنّما الكلام على ما يقتضيه ظاهر القرآن ، وليس في الظاهر أكثر من أن جسدا ألقي على كرسيه على سبيل الفتنة له وهي الاختبار والامتحان ، مثل قوله تعالى : (الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ (٣)) (٢) والكلام في ذلك الجسد [أنّه] ما هو؟ إنّما يرجع فيه إلى الرواية الصحيحة الّتي
__________________
(١) تنزيه الأنبياء والأئمّة : ١٣٣ وانظر أيضا المائدة : ٦ الأمر السابع الموضع الثاني.
(٢) سورة العنكبوت ، الآيات : ١ ـ ٣.