سورة الفتح
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ـ (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) [الفتح : ٢].
[فان قيل : ما معنى هذه الآية] أو ليس هذا صريحا في أنّ له صلىاللهعليهوآلهوسلم ذنوبا وإن كانت مغفورة؟
الجواب : قلنا : أمّا من نفى عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم صغائر الذنوب مضافا إلى كبائرها ، فله عن هذه الآية أجوبة نحن نذكرها ونبيّن صحيحها من سقيمها :
منها : أنّه تعالى أراد بإضافة الذنب إليه ذنب أبيه آدم عليهالسلام. وحسنت هذه الإضافة لاتّصال القربى ، وعفوه لذلك من حيث أقسم آدم على الله تعالى به ، فأبرّ قسمه ، فهذا المتقدّم. والذنب المتأخّر هو ذنب شيعته وشيعة أخيه عليهالسلام.
وهذا الجواب يعترضه أنّ صاحبه نفى عن نبيّ ذنبا وأضافه إلى آخر ، والسؤال عليه فيمن أضافه إليه كالسؤال فيمن نفاه عنه.
ويمكن إذا أردنا نصرة هذا الجواب أن نجعل الذنوب كلّها لأمّته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويكون ذكر التقدّم والتأخّر إنّما أراد به ما تقدّم زمانه وما تأخّر ، كما يقول القائل مؤكّدا : «قد غفرت لك ما قدّمت وما أخّرت وصفحت عن السالف والآنف من ذنوبك» ، ولإضافه ذنوب أمّته إليه وجه في الاستعمال معروف ؛ لأنّ القائل قد يقول لمن حضره من بني تميم أو غيرهم من القبائل : «أنتم فعلتم كذا وكذا وقتلتم فلانا» وإن كان الحاضرون ما شهدوا ذلك ولا فعلوه ؛ وحسنت الإضافة للاتّصال والتسبّب ولا سبب أوكد ممّا بين الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمّته فقد يجوز توسّعا وتجوّزا أن تضاف ذنوبهم إليه.