ـ (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب : ٥٦].
وممّا ظنّ انفراد الإمامية به إيجاب التشهد الأوّل في الصلاة وقد وافقنا على ذلك الليث بن سعد وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه (١) ، وقال أبو حنيفة : التشهدان معا غير واجبين (٢) ، وقال الشافعي الثاني واجب والأول غير واجب (٣) ، دليلنا الاجماع المتردد ، وطريقة برائة الذمة ، وأيضا فهذه حال هو فيها مندوب إلى ذكر الله تعالى وتعظيمه ، والصلاة على النبي وآله ؛ لدخولها في عموم الآيات المقتضية لذلك ، مثل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) وكلّ من أوجب الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذه الحال أوجب التشهد الأوّل ، وممّا نلزمهم أنّهم يروون عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه كان يتشهّد التشهدين جميعا ، ورووا كلّهم عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : صلّوا كما رأيتموني أصليّ (٤) (٥).
ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) [الأحزاب : ٦٩].
[فان قيل : ما معنى هذه الآية ،] أو ليس قد روي في الآثار أنّ بني إسرائيل رموه عليهالسلام بأنّه آدر وبأنّه أبرص ، وأنّه عليهالسلام ألقى ثيابه على صخرة ليغتسل ، فأمر الله تعالى تلك الصخرة بأن تسير فسارت وبقي موسى عليهالسلام مجرّدا يدور على محافل بني إسرائيل حتّى رأوه وعلموا أنّه لا عاهة به.
الجواب : قلنا : ما روي في هذا المعنى ليس بصحيح وليس يجوز أن يفعل الله تعالى بنبيّه عليهالسلام ما ذكروه من هتك العورة ليبرّئه من عاهة أخرى ؛ فإنّه تعالى قادر على أن ينزّهه ممّا قذفوه به على وجه لا يلحقه معه فضيحة أخرى ، وليس يرمي بذلك أنبياء الله تعالى من يعرف أقدارهم.
والّذي روي في ذلك من الصحيح معروف ، وهو أنّ بني إسرائيل لمّا مات
__________________
(١ و ٢ و ٣) المغني (لابن قدامة) ، ١ : ٥٧١.
(٤) صحيح البخاري ، ١ : ١٥٤.
(٥) الانتصار : ٤٦ وراجع أيضا الناصريات : ٢٢٨.