سورة الدّخان
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ـ (كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ (٢٨) فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩)) [الدخان : ٢٨ ـ ٢٩].
[إن سأل سائل فقال : ما تأويل قوله تبارك وتعالى مخبرا عن مهلك قوم فرعون وتوريثه نعمهم] وكيف يجوز أن يضيف البكاء إليهما ، وهو لا يجوز في الحقيقة عليهما؟.
والجواب : يقال له في هذه الآية وجوه أربعة من التأويل :
أوّلها : أنّه تعالى أراد أهل السماء والأرض فحذف كما حذف في قوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (١) ؛ وفي قوله تعالى : (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) (٢) ؛ أراد أهل القرية ، وأصحاب الحرب ، ويجري ذلك مجرى قولهم : السخاء حاتم ، يريدون :
السخاء سخاء حاتم ؛ قال الحطيئة (٣) :
وشرّ المنايا ميّت وسط أهله |
|
كهلك الفتى قد أسلم الحيّ حاضره |
أراد شرّ المنايا ميتة ميّت ، وقال الآخر :
قليل عيبه والعيب جمّ |
|
ولكنّ الغنى ربّ غفور (٤) |
__________________
(١) سورة يوسف ، الآية : ٨٢.
(٢) سورة محمّد ، الآية : ٤.
(٣) البيت في طبقات الشعراء لابن سلام ص ٩٥ ؛ ضمن أبيات أربعة للحطيئة لم تذكر في ديوانه. وفي حاشية بعض النسخ : «قال السيد الإمام رحمهالله : طلبت هذا البيت في شعر الحطيئة فلم أجده فيه».
(٤) البيت لعروة بن الورد ، وهو في ملحقات ديوانه : ١٩٨ ، وهو في شرح المقامات : ٢ / ١٩٢ ، والبيان : ١ / ٩٥ ، والعقد : ١ / ٢١٢.