سورة الأسراء
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ـ (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) [الإسراء : ١١]
أنظر الأنبياء : ٣٧ من الأمالي ، ١ : ٤٤١.
ـ (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً) [الاسراء : ١٦] (١).
[إن سأل سائل عن هذه الآية].
[قلنا :] في هذه الآية وجوه من التأويل ، كلّ منها يبطل الشبهة الداخلة على المبطلين فيها ، حتّى عدلوا بتأويل عن وجهه ، وصرفوه عن بابه.
أوّلها : أنّ الإهلاك قد يكون حسنا وقد يكون قبيحا ، فإذا كان مستحقّا أو على سبيل الامتحان كان حسنا ، وإنّما يكون قبيحا إذا كان ظلما ، فتعلّق الإرادة به لا يقتضي تعلّقها به على الوجه القبيح ، ولا ظاهر للآية يقتضي ذلك ؛ وإذا علمنا بالأدلّة تنزّه القديم تعالى عن القبائح علمنا أنّ الإرادة لم تتعلّق إلّا بالإهلاك الحسن ، وقوله تعالى : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) المأمور به محذوف ، وليس يجب أن يكون المأمور به هو الفسق وإن وقع بعده الفسق ؛ ويجري هذا مجرى قول القائل : «أمرته فعصى» و «دعوته فأبى». والمراد إنّني أمرته بالطاعة ، ودعوته إلى الإجابة والقبول.
ويمكن أن يقال على هذا الوجه : ليس موضع الشبهة ما تكلّمتم عليه ؛ وإنّما موضعها أن يقال : أيّ معنى لتقدّم الإرادة؟ فإن كانت متعلّقة بإهلاك مستحقّ
__________________
(١) سورة الإسراء ، الآية : ١٦.