إلى التوحيد ، فأمر صلىاللهعليهوآلهوسلم بتقرير أهل الكتاب بذلك دعت لنزول الشبهة عمن اعترضته.
والجواب الثاني : أن يكون السؤال متوجّها إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم دون أمّته ، والمعنى : إذا لقيت النبيين في السماء فاسألهم عن ذلك ؛ لأنّ الرواية قد وردت بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لقي النبيين في السماء فسلّم عليهم وأمّهم ؛ ولا يكون أمره بالسؤال لأنّه كان شاكا ، لأنّ مثل ذلك لا يجوز عليه الشكّ فيه ؛ لكن لبعض المصالح الراجعة إلى الدين ؛ إمّا لشيء يخصّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو يتعلّق ببعض الملائكة الذين يستمعون ما يجري بينه وبين النبيين من سؤال وجواب.
والجواب الثالث : ما أجاب به ابن قتيبة ، وهو أن يكون المعنى : وسل من أرسلنا إليه قبلك رسلا من رسلنا ـ يعني أهل الكتاب.
وهذا الجواب ـ وإن كان يوافق في المعنى الجواب الأوّل ـ فبينهما خلاف في تقدير الكلام وكيفية تأويله ، فلهذا صارا مفترقين.
وقد ردّ على ابن قتيبة هذا الجواب ، وقيل : إنّه أخطأ في الإعراب ؛ لأنّ لفظة «إليه» لا يصحّ إضمارها في هذا الموضع ؛ لأنّهم لا يجيزون : «الذي جلست عبد الله» ، على معنى «الذي جلست إليه» ، لأنّ «إليه» حرف منفصل عن الفعل ، والمنفصل لا يضمر ، فلمّا كان القائل إذا قال : «الذي أكرمت إياه عبد الله» لم يجز أن يضمر «إياه» ؛ لانفصاله من الفعل كانت لفظة «إليه» بمنزلته.
وكذلك لا يجوز : «الذي رغبت محمد» ، بمعنى «الذي رغبت فيه محمد» ؛ لأنّ الإضمار إنّما يحسن في الهاء المتعلّقة بالفعل كقولك : «الذي أكلت طعامك» ، و «الذي لقيت صديقك» ، معناهما : الذي أكلته ولقيته.
وقال الفرّاء : إنّما حذفت «الهاء» لدلالة الذي عليها. وقال غيره في حذفها غير ذلك ؛ وكلّ هذا ليس ممّا تقدّم في شيء فصحّ أنّ جواب ابن قتيبة مستضعف ، والمعتمد ما تقدّم (١).
__________________
(١) الأمالي ، ٢ : ٧١.