السين من «سألت» ويضم التاء الثانية من (قُتِلَتْ) فعلى أنّها هي المخاطبة بذلك.
ويجوز في هذا الوجه أيضا «قتلت» بإسكان التاء الأخيرة كقراءة الجماعة ؛ لأنّه إخبار عنها ، كما يقال : سأل زيد : بأي ذنب ضرب ؛ وبأي ذنب ضربت. ويقوّي هذه القراءة في «سألت» ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : «يجيء المقتول ظلما يوم القيامة وأوداجه تشخب دما ، اللون لون الدم ، والريح ريح المسك ، متعلّقا بقاتله يقول : يا رب سل هذا فيم قتلني».
فأمّا القراءة المأثورة عن حفص عن عاصم في ضمّ التاء الأخيرة من «قتلت» مع ضم السين (سُئِلَتْ) فمعناها (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) : ما تبغي؟ فقالت : (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) فأضمر قولها. والعرب قد تضمر مثل هذا لدلالة الخطاب عليه ، وارتفاع الإشكال عنه ؛ مثل قوله تعالى : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا) (١) ؛ أي ويقولان ذلك ؛ ونظائره في القرآن كثيرة جدا.
فأمّا قراءة من قرأ : (قُتِلَتْ) بالتشديد فالمراد به تكرار الفعل بالموؤدة هاهنا ، وإن كان لفظها لفظ واحدة فالمراد به الجنس ، وإرادة التكرار جائزة.
فأمّا من قرأ (الْمَوْؤُدَةُ) بفتح الميم والواو ، فعلى أنّ المراد الرحم والقرابة ، وأنّه يسأل عن سبب قطعها وتضييعها ، قال الله تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) (٢).
فأمّا المؤودة فهي المقتولة صغيرة ، وكانت العرب في الجاهلية تئد البنات بأن يدفنوهنّ أحياء ، وهو قوله تعالى : (أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ) (٣).
وقوله تعالى : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٤).
ويقال : إنّهم كانوا يفعلون ذلك لأمرين :
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٢٧.
(٢) سورة محمّد ، الآية : ٢٢.
(٣) سورة النحل ، الآية : ٥٩.
(٤) سورة الأنعام ، الآية : ١٤٠.