بِهِ صَدْرُكَ)(١) الآية ، وأنزل عليه يا محمّد : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ) إلى قوله : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ)(٢).
فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا عبد الله ، أمّا ما ذكرت من أني آكل الطعام كما تأكلون ، وزعمت أنّه لا يجوز لأجل هذه أن أكون لله رسولا ، فإنّ الأمر لله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، وهو محمود ، وليس لك ولا لأحد الاعتراض عليه ، بلم وكيف ، ألم تر أن الله تعالى كيف أفقر بعضا وأغنى بعضا ، وأعزّ بعضا وأذلّ بعضا ، وأصحّ بعضا وأسقم بعضا ، وشرّف بعضا ووضع بعضا وكلّهم ممن يأكل الطعام؟ ثمّ ليس للفقراء أن يقولوا : لم أفقرتنا وأغنيتهم؟ ولا للوضعاء أن يقولوا : لم وضعتنا وشرّفتهم؟ ولا للزمنى (٣) والضعفاء أن يقولوا : لم أزمنتنا وأضعفتنا وصححتهم؟ ولا للأذلّاء أن يقولوا : لم أذللتنا وأعززتهم؟ ولا للقباح الصور أن يقولوا : لم أقبحتنا وجمّلتهم؟ بل إن أبوا وقالوا ذلك ، كانوا على ربهم رادّين ، وله في أحكامه منازعين ، وبه كافرين ، ولكان جوابه لهم : إني أنا الملك الرافع الخافض المغني المفقر المعزّ المذلّ المصحّ المسقم ، وأنتم العبيد ليس لكم إلّا التسليم لي والانقياد لحكمي ، فإن سلّمتم كنتم عبادا مؤمنين ، وإن أبيتم كنتم بي كافرين ، وبعقوباتي من الهالكين.
ثمّ أنزل الله تعالى : يا محمّد : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ)(٤) يعني آكل
__________________
(١) هود : ١٢.
(٢) الأنعام : ٨ ـ ٩.
(٣) الزّمنى : جمع زمن ، وهو المصاب بعاهة أو مرض مزمن.
(٤) الكهف : ١١٠ ، فصلت : ٦.