عليك ، فلا دواء لك إلّا تأديبه [لك] على يد أوليائه من البشر أو ملائكته الزبانية ، وقد أنزل الله تعالى عليّ كلمة جامعة لبطلان كلّ ما اقترحته ، فقال تعالى (قُلْ) يا محمّد (سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً)؟
ا أبعد ربّي عن أن يفعل الأشياء على قدر ما يقترحه الجهال بما يجوز وبما لا يجوز! (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً)(١) لا يلزمني إلّا إقامة حجّة الله التي أعطاني ، وليس لي أن آمر على ربّي وأنهى ولا أشير ، فأكون كالرسول الذي بعثه ملك إلى قوم من مخاليفه فرجع إليه يأمره أن يفعل بهم ما اقترحوه عليه.
فقال أبو جهل : يا محمد ها هنا واحدة : ألست زعمت أن قوم موسى احترقوا بالصاعقة لمّا سألوه أن يريهم الله جهرة؟ قال : بلى ، قال : ولو كنت نبيّا لاحترقنا نحن أيضا ، فقد سألنا أشدّ مما قال قوم موسى ، لأنهم قالوا : أرنا الله جهرة ، ونحن قلنا : لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا نعاينهم.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يا أبا جهل ، أو ما علمت قصّة إبراهيم الخليل عليهالسلام لما رفع في الملكوت ، وذلك قول الله تبارك وتعالى : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)(٢) قوّى الله بصره لمّا رفعه دون السماء حتى نظر إلى الأرض ومن عليها ظاهرين ومستترين ، فرأى رجلا وامرأة على فاحشة ، فدعا عليهما بالهلاك فهلكا ، ثم رأى آخرين ، فدعا عليهما بالهلاك فهلكا ، ثم رأى آخرين ، فهمّ بالدعاء عليهما ، فأوحى الله إليه :
__________________
(١) قال أبو عبد الله عليهالسلام : (قال أبعث الله بشرا رسولا) قالوا : إن الجن كانوا في الارض قبلنا فبعث الله إليهم ملكا ، فلو أراد الله أن يبعث إلينا لبعث ملكا من الملائكة ، وهو قول الله تبارك وتعالى : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) [الإسراء : ٩٤].
(٢) الأنعام : ٧٥.