أعطي هذا العبد من القوّة على طاعة الله وعبادته ما لم يعط أحد من الملائكة.
فلمّا كان بعد ذلك بدهر طويل ، أمر الله تعالى جبرئيل أن يهبط إلى الأرض ، ويقبض من شرقها وغربها وقعرها وبسطها قبضة ، ليخلق منها خلقا جديدا ، ليجعله أفضل الخلائق» (١).
وقال ابن عباس : فلمّا أراد الله أن ينفخ في آدم الرّوح ، خلق روح آدم عليهالسلام ليست كالأرواح ، وهي روح فضلها الله تعالى على جميع أرواح الخلق من الملائكة وغيرها ، فذلك قوله تعالى : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) ، وقال الله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)(٢). قال : فلمّا خلق الله تعالى روح آدم عليهالسلام أمر بغمسها في جميع الأنوار ، ثم أمرها أن تدخل في جسد آدم عليهالسلام بالتأنّي دون الاستعجال ، فرأت الرّوح مدخلا ضيّقا ومنافذ ضيّقة ، فقالت : يا ربّ ، كيف أدخل من الفضاء إلى الضّيق؟ فنوديت : أن ادخلي كرها. فدخلت الرّوح من يافوخه إلى عينيه ففتحهما آدم عليهالسلام فجعل ينظر إلى بدنه ولا يقدر على الكلام ، ونظر إلى سرادق العرش مكتوبا عليه : لا إله إلا الله ، محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فصارت الرّوح إلى أذنيه ، فجعل يسمع تسبيح الملائكة. ثم جعلت الرّوح تدور في رأسه ودماغه ، والملائكة ينظرون إليه ،
__________________
(١) تحفة الإخوان : ص ٦٢ «مخطوط». وقد ذكرنا في الآية السابقة رواية تخص الآيات من سورة الحجر برقم (٢٨ ـ ٢٩).
(٢) قال محمد بن مسلم : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) كيف هذا النفح؟ فقال عليهالسلام : «إن الروح متحرك كالريح ، وإنّما سمّي روحا لأنه اشتق اسمه من الريح ، وإنّما أخرجه على لفظ الريح لأن الأرواح مجانسة للريح ، وإنّما أضافه إلى نفسه لأنه اصطفاه على سائر الأرواح ، كما قالت لبيت من البيوت : بيتي ، ولرسول من الرسل : رسولي ـ خليلي ـ وأشباه ذلك ، وكلّ ذلك مخلوق مصنوع محدث مربوب مدبّر». (الكافيّ ج ١ ، ص ١٠٣ ، ح ٣). والآية [الإسراء : ٨٥].