ويتوقّعون متى يؤمرون بالسّجود ليسجدوا ، وإبليس اللعين يضمر خلاف ذلك. وقد أخبر الله تعالى الملائكة قبل خلقه بذلك ، قوله تعالى : (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ)(١). ثمّ صارت الرّوح إلى الخياشيم ، ففتحت العطسة المجاري المسدودة وسارت إلى اللسان ، فقال آدم عليهالسلام : «الحمد لله الذي لم يزل». فهي أوّل كلمة قالها ، فناداه الرّبّ : يرحمك ربّك ـ يا آدم ـ لهذا خلقتك ، وهذا لك ولذريتك ، ولمن قال مثل مقالتك. قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ليس على إبليس أشدّ من تسميت العاطس» قال : فصارت الروح في جسد آدم عليهالسلام حتى بلغت الساقين والقدمين ، فاستوى آدم قائما على قدميه في يوم الجمعة عند زوال الشمس.
قال جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام : «كانت الرّوح في رأس آدم عليهالسلام مائة عام ، في صدره مائة عام ، وفي ظهره مائة عام ، وفي بطنه مائة عام ، وفي عجزه وفي وركيه مائة عام ، وفي ساقيه وقدميه مائة عام».
فلمّا استوى آدم قائما ، نظرت إليه الملائكة كأنّه الفضّة البيضاء ، فأمرهم الله بالسّجود له ، فأوّل من بادر إلى السجود جبرئيل ، ثم ميكائيل ، ثم عزرائيل ، ثم إسرافيل ، ثم الملائكة المقرّبون. وكان السجود لآدم يوم الجمعة عند الزوال ، فبقيت الملائكة في سجودها إلى العصر ، فجعل الله تعالى هذا اليوم عيدا لآدم عليهالسلام ولأولاده ، وأعطاه الله تعالى فيه الإجابة في الدّعاء ، وفي يوم الجمعة وليلتها أربع وعشرون ساعة ، في كلّ ساعة يعتق سبعون ألف عتيق من النار (٢).
__________________
(١) سورة ص : ٧١ و ٧٢.
(٢) تحفة الإخوان : ص ٦٣ «مخطوط».