وقال جعفر الصادق عليهالسلام : «وأبى إبليس (لعنه الله) من أن يسجد لآدم عليهالسلام استكبارا وحسدا ، فقال الله تعالى : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)(١) والنار تأكل الطين ، وأنا الذي عبدتك دهرا طويلا قبل أن تخلقه ، وأنا الذي كسوتني الريش والنور ، وأنا الذي عبدتك في أكناف السماوات مع الكرّوبيّين والصّافّين والمسبّحين والروحانيّين والمقرّبين. قال الله تعالى : لقد علمت في سابق علمي من ملائكتي الطاعة ومنك المعصية ، فلم ينفعك طول العبادة لسابق العلم فيك ، وقد أبلستك (٢) من الخير كلّه إلى آخر الأبد ، وجعلتك مذموما مدحورا شيطانا رجيما لعينا. فعند ذلك تغيّرت خلقته الحسنة إلى خلقة كريهة مشوّهة ، فوثب عليه الملائكة بحرابها وهم يلعنونه ويقولون له ؛ رجيم ملعون ، رجيم ملعون. فأوّل من طعنه جبرئيل ، ثم ميكائيل ، ثم إسرافيل ، ثم عزرائيل ، ثم جميع الملائكة من كلّ ناحية وهو هارب من بين أيديهم حتى ألقوه في البحر المسجور ، فبادرت إليه الملائكة بحراب من نار ، فلم يزالوا يطعنونه حتى بلغوه القرار ، وغاب عن عيون الملائكة ، والملائكة في اضطراب والسّماوات في رجفان من جرأة إبليس اللّعين وعصيانه أمر الله. قال الله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها)(٣) حتى عرف اللغات كلها ، حتى لغات الحيّات والضفادع ، وجميع ما في البرّ والبحر».
فانتصب آدم على منبره قائما ، وسلّم على الملائكة ، وقال : «السّلام عليكم ، يا ملائكة ربّي ورحمة الله وبركاته» فأجابه الملائكة : وعليك السّلام
__________________
(١) سورة ص : ٧٥ و ٧٦.
(٢) الإبلاس : الانكسار والحزن. وأبلس من رحمة الله : أي يئس. «الصحاح ـ بلس ـ ج ٣ ، ص ٩٠٩».
(٣) البقرة : ٣١.