ورحمة الله وبركاته. فإذا النداء : يا آدم ، لهذا خلقتك ، وهذا السّلام تحيّة لك ولذرّيّتك إلى يوم القيامة».
قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم «ما فشا السّلام في قوم إلا أمنوا من العذاب ، فإن فعلتموه دخلتم الجنّة».
قال : فأخذ آدم في خطبته فبدأ يقول : «الحمد لله» فصار ذلك سنّة لأولاده ، وأثنى على الله تعالى بما هو أهله ، ثمّ ذكر علم السماوات والأرضين وما فيها من خلق رب العالمين ، فعند ذلك قال الله تعالى للملائكة : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(١) فشهدت الملائكة على أنفسها وأقرّت ، وقالت ؛ (سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)(٢) قال الله تعالى : (يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ)(٣) فجعل آدم يخبرهم بأسماء كلّ شيء ، خفيّها وظاهرها ، برها وبحرها ، حتى الذّرّة والبعوضة ، فتعجّبت الملائكة من ذلك ، قال الله تعالى : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ)(٤) يعني ما كتم إبليس من إضمار المعصية.
قال : ونزل آدم عليهالسلام من منبره ، وزاد الله في حسنه أضعافا زيادة على ما كان عليه من الحسن والجمال ، فلمّا نزل قرّب إليه قطف (٥) من عنب أبيض فأكله ، وهو أول شيء أكله من طعام الجنّة ، فلمّا استوفاه ، قال : «الحمد لله رب العالمين» ، فقال الله تعالى : يا آدم ، لهذا خلقتك ، وهو سنّتك وسنّة ذريّتك إلى آخر الدهر. ثمّ أخذته السنة ، أي النعاس ، مبادئ النوم ، لأنّه لا راحة لبدن يأكل إلّا النّوم ، ففزعت الملائكة ، وقالت : النّوم هو الموت. فلمّا
__________________
(١) البقرة : ٣١.
(٢) البقرة : ٣٢.
(٣) البقرة : ٣٣.
(٤) البقرة : ٣٣.
(٥) القطف : العنقود ساعة يقطف. «أقرب الموارد ـ قطف ـ ج ٢ ، ص ١٠١٦».