بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما)(١).
وقال ابن عبّاس (رضي الله عنه) : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «والذي نفسي بيده ، ما ساغ آدم عليهالسلام ، من تلك السنابل إلا سنبلة واحدة حتى طار التاج عن رأسه ، وتعارى من لباسه ، وانتزعت خواتيمه ، وسقط كل ما كان على حوّاء من لباسها ، وحليّها ، وزينتها ، وكلّ شيء طار عنها ، وناداه لباسه وتاجه : يا آدم ، طال حزنك ، وكثرت حسرتك ، وعظمت مصيبتك ، فعليك السّلام ، وهذه ساعة الفراق إلى يوم التّلاق ، فإنّ ربّ العزّة عهد إلينا أن لا نكون إلا على عبد مطيع خاشع. وانتفض السّرير من فراشه وطار في الهواء ، وهو ينادي : آدم المصطفى قد عصى الرحمن وأطاع الشيطان ، وحوّاء قد انتفضت ذوائبها عنها ، وما كان فيها من الدرّ والجواهر واللؤلؤ ، وانحلّت المنطقة من وسطها ، وهي تقول : لقد عظمت مصيبتكما وطال حزنكما ، ولم يبق عليهما من لباسهما شيء (وَطَفِقا) أي أقبلا : (يَخْصِفانِ عَلَيْهِما) أي يرفعان عليهما (مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) أي ورق التين (وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ)(٢).
قال ابن عباس : إنّ الله تعالى حذّر أولاد آدم كما حذّر آدم عليهالسلام في قوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما)(٣). قال : وجعل كلّ واحد منهما ينظر إلى عورة صاحبه ، وهرب إبليس مبادرا ، وصار مختفيا في بعض طرق السماوات ، ولم يبق شيء إلّا نادى آدم : يا عاصي ، وغضّ أهل الجنة أبصارهم عنهما ، وقالوا : أخرجتما
__________________
(١) تحفة الإخوان : ص ٦٧ «مخطوط» ، والآية من سورة الأعراف : ٢٢.
(٢) الأعراف : ٢٢.
(٣) الأعراف : ٢٧.