فاضطرب آدم عليهالسلام فزعا ، وارتعد خوفا ، حتى ذهب كلامه ، وجعل يشير إلى جبرئيل عليهالسلام : «دعني أهرب من الجنة خوفا من ربّي ، وحياء منه». قال جبرئيل عليهالسلام : إلى أين تهرب ـ يا آدم ـ وربّك أقرب الأقربين ومدرك الهاربين؟ فقال آدم : «يا جبرئيل ، ردّني أنظر إلى الجنّة نظرة الوداع». فجعل آدم عليهالسلام ينظر عن يمينه وعن شماله ، وجبرئيل لا يفارقه ، حتى صار قريبا من باب الجنّة ، وقد أخرج رجله اليمنى وبقيت رجله اليسرى ، فنودي : «يا جبرئيل ، قف به على باب الجنّة حتى يخرج معه أعداؤه الذين حملوه على أكل الشجرة ، يراهم ويرى ما يفعل بهم». فأوقفه جبرئيل ، وناداه الربّ : «يا آدم ، خلقتك لتكون عبدا شكورا ، لا لتكون عبدا كفورا».
فقال آدم عليهالسلام : «يا ربّ ، أسألك أن تعيدني إلى تربتي التي خلقت منها ترابا كما كنت أولا». فأجابه الربّ : «يا آدم ، قد سبق في علمي ، وكتبت في اللوح أن أملأ من ظهرك الجنّة والنار». فسكت آدم.
قال ابن عباس : لمّا أمرت حوّاء بالخروج ، وثبت إلى ورقة من ورق تين الجنّة ، طولها وعرضها لا يعلمه إلا الله تعالى لتستتر بها ، فلمّا أخذتها ، سقطت من يدها ، ونطقت : يا حوّاء ، إنك لفي غرور ، إنه لا يسترك شيء في الجنّة بعد أن عصيت الله تعالى. فعندها بكت حوّاء بكاء شديدا ، وأمر الله الورقة أن تجيبها ، فاستترت بها ، فقبض جبرئيل عليهالسلام بناصيتها حتى أتى بها إلى آدم عليهالسلام وهو على باب الجنّة ، فلمّا رأت آدم ، صاحت صيحة عظيمة ، وقالت : يا لها من حسرة ، يا جبرئيل ، ردّني أنظر إلى الجنّة نظر الوداع ، فجعلت تومئ بنظرها إلى الجنّة يمينا وشمالا ، وتنظر إليها بحسرة ، فأخرجا من الجنّة ، والملائكة صفوف لا يعلم عددهم إلا الله تعالى ، ينظرون إليهما. ثمّ أتي بالطاوس ، وقد طعنته الملائكة حتى سقطت أرياشه ، وجبرئيل يجرّه ، ويقول له : اخرج من الجنّة خروج آيس ، فإنّك مشؤوم أبدا ما بقيت ، وسلبه