وفي المقاصد العليّة كذلك : وفيه إشارة لطيفة إلى اشتراط حياة المجتهد المأخوذ عنه ، فإنّ ذلك هو المعروف من مذهب الإماميّة ، لا نعلم فيه مخالفا منهم وإن كان الجمهور قد اختلفوا في ذلك (١) .
وفي منية المريد قال : في جواز تقليد المجتهد الميّت مع وجود الحيّ أو لا معه ، للجمهور أقوال ـ إلى أن قال ـ : لا يجوز مطلقا ؛ لفوات أهليّته بالموت ، ولهذا ينعقد الإجماع بعده ـ ولا ينعقد في حياته ـ على خلافه ، وهذا هو المشهور بين أصحابنا ، خصوصا المتأخّرين منهم ، بل لا نعلم فائدة بخلافه صريحا ممّن يعتدّ بقوله (٢) .
وفي الرسالة المنسوبة إلى شيخنا الشهيد الثاني في عدم جواز تقليد الميّت ـ على ما حكي ـ : إنّا نتنزّل عن جميع ما تقدّم من الوجوه ، ونجوّز العمل بقول الفقيه الميّت ، بأن نجعله ممكنا بالإمكان الخاصّ ، بل نفرض قيام الدليل على صحّته ، وذلك كلّه غير مجوّز للعمل به بدون قائل من أصحابنا السابقين وعلمائنا الصالحين به ، كما هو الشرط في كلّ مسألة إذا لم تكن من الامور المتجدّدة التي يغلب على الظنّ أنّها ما خطرت للعلماء السابقين ، ولا بحثوا عنها ، وهذه المسألة ليست كذلك ، بل هي على طرف النقيض له ، فإنّهم قد ذكروها في كتبهم الاصوليّة والفقهيّة قاطعين فيها بما ذكرناه ، من أنّ النقل لا يجوز عن الميّت ، وأنّ قوله يبطل بموته من غير نقل خلاف واحد منهم فيها ، ونحن بعد التتبّع الصادق لما وصل إلينا من كلامهم ما علمنا بأحد من أصحابنا ممّن يعتبر قوله ويعوّل على فتواه خالف في ذلك ، فعلى مدّعي الجواز بيان القائل به على وجه لا يلزم منه خرق الإجماع (٣) .
وفي المعالم : ظاهر الأصحاب الإطباق على عدمه ، ثمّ قال : والعمل بفتاوى الموتى
__________________
(١) المقاصد العليّة في شرح الرسالة الألفيّة ، ص ٥١.
(٢) منية المريد ، ص ٣٠٥.
(٣) حكاه عنه في مفاتيح الاصول ، ص ٦١٩ ؛ وهو في رسالة في تقليد الميّت ( رسائل الشهيد الثاني ) ، ج ١ ، ص ٤٤.