والمفروض كون ذلك من باب التعبّد المحض ، أو الظنّ المخصوص بحكم ما ستقف عليه ، ومعه فلا بدّ من الاقتصار على القدر المتيقّن والمجمع عليه فتوى ودليلا.
وأمّا ثانيا : فلتوقّف صحّة العمل للمستفتي ـ بالظنّ الحاصل له بالحكم الشرعي الواقعي ولو من فتوى الميّت ـ على قيام الدليل المعتبر على الصحّة كذلك ، وهو أوّل الدعوى ، بل عين المدّعى ، بل المفروض عدمه ، وقيام الدليل بل الأدلّة على عدم صحّته كذلك.
وأمّا ثالثا : فلأنّ غاية ما يلزم من ذلك إنّما هو الظنّ بالحكم الواقعي الشرعي ، لا نفسه ، والمكلّف به على تقدير كونه هو الحكم الواقعي الشرعي إنّما هو نفسه ، لا الظنّ به ، وهو غيره جدّا ، وقيام الظنّ من حيث هو مقامه إنّما يتمّ ويتّجه لو لم يكن هناك ما يقوم مقامه شرعا غير الظنّ ولو تعبّدا ، وأمّا لو كان هناك ذلك ـ كما هو المفروض بحكم ما مرّت إليه الإشارة وستعرفه مفصّلا ـ فلا ، كما لا يخفى على اولي النّهى.
وأمّا رابعا : فلأنّه لو كان المناط والمتّبع ـ بالإضافة إلى المستفتي ـ هو الحكم الشرعي الواقعي ، أو الظنّ به ، فليكن في هذه المسألة ـ أي مسألة عدم صحّة العمل بفتوى الميّت ـ أيضا كذلك ؛ ضرورة كونها أيضا من المواضع التي يكون المستفتي فيها مكلّفا بحكمها الواقعي الشرعي ، ومن البيّن أنّه لو قطع النظر عن كون المنع وعدم الصحّة مقطوع الثبوت بلا واسطة أو معها ، فلا أقلّ من الظنّ بأنّه الحكم الواقعي الشرعي ؛ نظرا إلى الشهرة العظيمة المحصّلة والمحكيّة في المسألة.
مضافا إلى الإجماعات المتكثّرة المنقولة ، وغيرها من الأدلّة ، فيتعيّن عليه الأخذ به حسبما مرّ ، ويلزمه عدم جواز العمل بفتوى الميّت وعدم صحّته ، بالإضافة إلى سائر الأحكام الشرعيّة لما عدا هذه الواقعة ؛ لعدم إمكان الصحّة والجواز هنا مع عدمهما ثمّة ، كما لا يخفى ؛ فافهم.
وأمّا خامسا : فلأنّه لو صحّ ذلك لزم جواز العمل بفتوى الصبيّ والمجنون والكافر والفاسق ومجهول الحال والجاهل ، حيثما يحصل له الظنّ بالحكم الشرعي الواقعي ،