مضافا إلى الاصول ، والعمومات الدالّة على عدم مشروعيّة التقليد ، وعدم حجّيّة غير العلم.
وكيف ما كان ، فهذا ممّا لا إشكال فيه.
وإنّما الإشكال في مواضع :
[ الأوّل : ] أنّه هل يصحّ لمن بلغ رتبة الاجتهاد ـ وقدر بسهولة على تحصيل الحكم الشرعي بالنظر والاستدلال على الوجه المعتبر شرعا ولم يكن متجزّيا ـ التقليد في المسألة التي لم يجتهد فيها ، من غير ضرورة ولا مانع شرعي عن الاجتهاد ، أم لا يجوز ولا يصحّ له التقليد فيها كما لو اجتهد ، بل يجب عليه الاجتهاد ؟
المعتمد : هو الثاني ، ولعلّه لا خلاف فيه بيننا فيما أعلم ؛ لجملة من الوجوه المشار إليها ، السليمة عمّا يصلح للمعارضة.
وربما يلوح ، بل يظهر من السيّد السند العلّامة الاستاد ـ دام ظلّه ـ في المفاتيح الميل إلى الأوّل (١) ؛ وفاقا منه لجماعة (٢) ، مع أنّه لا وجه لهم عدا وجوه قاصرة عن إفادة المدّعى ، كما لا يخفى على من راجع كلماتهم في المسألة.
نعم ، استدلّ السيّد السند ـ دام مجده ـ عليه بوجوه أخر :
منها : الاستصحاب (٣) ، فإنّ المجتهد المفروض قبل بلوغه رتبة الاجتهاد ، كان مقلّدا لغيره في المسألة التي لم يجتهد فيها وفي المسألة التي اجتهد فيها ، وكان ممّن يجوز له العمل بقول الغير فيهما ، فإذا بلغ تلك المرتبة لم يجز له التقليد فيما اجتهد فيها ، وبطل حكم الاستصحاب بالنسبة إليها بالدليل الأقوى ، وأمّا ما لم يجتهد فيها ، فلا دليل على المنع من التقليد وعدم صحّة العمل بقول الغير ، فيجوز ويصحّ ـ عملا بالاستصحاب ـ ما ثبت له أوّلا ، ولا معارض له هنا من الأدلّة الأربعة المعتبرة أصلا.
__________________
(١) مفاتيح الاصول ، ص ٦٠٤. وحكاه فيه عن جماعة منهم الشيخ الطوسي في العدّة والمحقّق في المعارج والعلّامة في المبادي ، وغيرهم ، فراجع.
(٢) المصدر.
(٣) مفاتيح الاصول ، ص ٦٠٧.