وفيه ما لا يخفى ، إمّا لعدم جريان الاستصحاب ؛ لتغيّر الموضوع ، أو للشكّ فيه ، أو لمعارضته بالمثل ، بل الأقوى منه. وإمّا لاندفاعه بالعمومات وغيرها ممّا مرّت إليه الإشارة.
مضافا إلى عدم اقتضائه بهذا التقرير لحجّيّة فتوى المفتي المفروض في حقّه. اللهمّ إلّا أن يقرّر بما يقتضيها ، فحينئذ يندفع بمثل ما مرّ.
مضافا إلى إمكان منع حجّيّة فتواه في حقّه رأسا حتّى في ابتداء الأمر ، إمّا مطلقا ، أو على بعض الوجوه ؛ فتدبّر.
ومن هنا يظهر لك أيضا ما في العمومات الدالّة على عدم جواز نقض اليقين إلّا باليقين على تقدير مغايرتها للاستصحاب ؛ فتفطّن.
ومنها : أنّ الحاضرين في زمن المعصومين عليهمالسلام من العلماء والعوامّ كانوا يعتمدون على التقليد في ما لا يفيد العلم ، ولم يلتزموا بتحصيل العلم في كلّ مسألة بالرجوع إلى المعصوم عليهمالسلام ، مع تمكّنهم منه بسهولة ، فجواز ترك الاجتهاد وتحصيل العلم لهم مع تمكّنهم يقتضي جواز ترك الاجتهاد بالنسبة إلى المجتهد المفروض بطريق أولى (١) .
وفيه أيضا ما لا يخفى من المنع المتوجّه على كلّ من هذه المقدّمات ؛ فتدبّر.
ومنها : أنّه لو وجب الاجتهاد على المجتهد المفروض في المسائل التي لم يجتهد فيها ، ولم يجز له التقليد ، لوجب عليه في مدّة طويلة ـ كعشر سنين أو عشرين سنة ـ ترك الاشتغال بجميع الامور التي تنافي الاجتهاد ـ من الأكل ، والشرب ، والنوم ، والجماع ، والمصاحبة والعشرة مع العباد ، والمسافرة ، والمعاملة ، ونحو ذلك ـ إلّا بقدر الضرورة الموجب عليه ، والاشتغال ليلا ونهارا بالاجتهاد ، وتأخير الصلاة ونحوها ، من العبادات الموسّعة إلى آخر وقت الإمكان. والتالي باطل فكذا المقدّم (٢) .
أمّا الملازمة : فلأنّ المسائل المحتاج إليها كثيرة لا تكاد تحصى ، فإنّه يحتاج إلى
__________________
(١) مفاتيح الاصول ، ص ٦٠٨.
(٢) مفاتيح الاصول ، ص ٦٠٩.