معرفة مسائل الوضوء ، والغسل ، والتيمّم ، وإزالة النجاسة ، والصلاة ، والصوم ، والبيع ، ونحو ذلك ، ومعلوم أنّه لا يتمكّن من الاجتهاد في جميعها في يوم أو يومين أو ثلاث ، بل لا يتمكّن منه في عشر سنين ، بل وعشرين وثلاثين سنة ، خصوصا بالنسبة إلى صاحب الأذهان الدقيقة ، والأفهام العميقة ، فإذا وجب الاجتهاد وترك التقليد لزم ما ذكر من الملازمة.
وأمّا بطلان التالي : فللعمومات النافية للعسر والحرج والضرر ، كالنافية للتكليف بما فوق الطاقة.
مضافا إلى أنّ سيرة علماء الإسلام على وجوب الاجتهاد على المجتهد المفروض ، وأنّ إجماعهم منعقد عليه ، ولذا ما وجدنا أحدا من المكلّفين المتقدّمين والمتأخّرين من مجتهدي الخاصّة والعامّة ضيّق عليه الأمر بعد بلوغه مرتبة الاجتهاد في شطر من الزمان هذا التضييق ، وبترك الاشتغال بجميع المنافيات ، وأخّر العبادات إلى آخر وقتها بهذا السبب ، بل تراهم يؤخّرون الاجتهاد بالسفر المباح والأفعال الغير الضروريّة ، ويسامحون فيه غاية المسامحة.
وما وجدنا أحدا قدح فيهم وحكم بفسقهم من هذه الجهة ، ومن أنكر ما ذكرنا فقد أنكر أمرا بديهيّا ، وخالف شيئا ضروريّا.
مضافا إلى أنّ ذلك لو كان واجبا لوردت الأخبار بذلك ؛ لتوفّر الدواعي عليه ، ومسيس الحاجة إليه ، مع أنّه لم يرد فيه بذلك خبر أصلا.
وفيه أيضا ما لا يخفى. أمّا أوّلا : فلمنع الملازمة ؛ إذ كثرة المسائل لا تستلزم الاحتياج إلى جميعها حال الاجتهاد.
كيف ؟ وكثير من تلك المسائل مختصّ بغيره ، كأحكام النساء والخناثى ، وكأكثر مسائل العقود والإيقاعات والأحكام ، وككثير من أحكام العبادات التي لا يحتاج إليها هذا الشخص في كثير من الأوقات والأحوال.
ولئن سلّم استلزام كثرتها لكثرة الاحتياج إليها ، فاستلزامه لوجوب الاجتهاد في