وأمّا ثانيا : فلمنع بطلان التالي ؛ إذ لا وجه له عدا ما اشير إليه من الوجوه الأربعة ، وشيء منها لا يصلح للدلالة :
أمّا الأوّل : فلأنّه لا حرج في ذلك أصلا بعد ما أسلفناه.
مضافا إلى أنّ المفروض إنّما هو صورة التمكّن له من الاجتهاد بسهولة خاصّة ، فلا يشمله ما دلّ على نفي الحرج أصلا.
ولئن سلّمنا الحرج فيه ، فكونه بعنوان الإطلاق والكلّيّة ممنوع ، بل المسلّم منه ولو مماشاة إنّما هو في بعض الصور ، فلا بدّ من الاقتصار عليه اقتصارا فيما خالف الأدلّة الدالّة على وجوب الاجتهاد عليه على القدر المتيقّن المنفيّ بما دلّ على نفي الحرج في الشريعة على تقدير سلامته عن المعارض المساوي أو الأقوى.
ولئن سلّمنا لزومه بعنوان الإطلاق والكلّيّة ، فكونه أيضا منفيّا في الشريعة أوّل الدعوى ؛ إذ لا دليل عليه عدا العموم النافي له ، وهو معارض بما دلّ من الإجماع وغيره من الأدلّة المعتبرة الآتية على وجوب الاجتهاد عليه.
مضافا إلى الأدلّة المشار إليها ، الدالّة على عدم جواز التقليد وعدم مشروعيّته وعدم حجّيّة غير العلم وحرمته ، ولا شكّ في أنّ الراجح مع هذه من وجوه شتّى لا تكاد تخفى.
مضافا إلى انتقاضه بما إذا كان في التقليد أيضا حرج ، وبما إذا لم يكن هناك من يصحّ تقليده أصلا.
مضافا إلى عدم استلزام نفي الحرج ـ على فرض تماميّته ـ هنا إلّا على بعض الوجوه.
مضافا إلى استلزامه لسقوط وجوب الاجتهاد الثابت بالفرض رأسا ؛ فتفطّن.
ومن هنا ظهر ما في الثاني أيضا ؛ فتدبّر.
وأمّا الثالث : فلمنع الإجماع ، وعدم انعقاده بالإضافة إلى محلّ البحث ، خصوصا بعد ملاحظة مصير المعظم إلى الخلاف في المسألة ، وحكاية جمع الشهرة عليه.
مضافا إلى ما يتراءى من عملهم وديدنهم خلفا وسلفا ، من عدم التقليد مع القدرة على الاجتهاد فيها بسهولة.