الذي يقتضيه التحقيق بزعم العبد : أنّ للمسألة صورا :
منها : ما كان الحكم المؤدّي إليه اجتهاده السابق غير منسيّ له ، مقطوعا به بعد الاجتهاد الأوّل وحال حدوث مثل تلك الواقعة ثانيا وثالثا فما زاد.
ولا خلاف ولا إشكال حينئذ في عدم وجوب الاجتهاد ثانيا ، ولا تجديد النظر وتكريره ، وصحّة العمل والفتوى والحكم به مطلقا ، بل عليه الإجماع القاطع (١) ، كما لا يخفى على من مارس كلماتهم.
وهو الحجّة ، مضافا إلى الاصول ، والعمومات الدالّة على عدم الوجوب والبراءة عن ذلك ، والدالّة على اعتبار العلم وحجّيّته ولزوم اتّباعه.
ولا فرق في ذلك بين أن يكون ذاكرا لسبب القطع ، أم لا ، ولا بين مضيّ زمان زادت القوّة فيه بكثرة الممارسة والاطّلاع ، وعدمه ؛ لعموم الدليل.
ومنها : ما كان الحكم المؤدّي إليه اجتهاده السابق مقطوعا بفساده في اللاحق وحال حدوث مثل تلك الواقعة.
ولا خلاف فتوى ودليلا ولا إشكال في عدم جواز العمل والفتوى والحكم له بما أدّى إليه اجتهاده السابق ، ولا في عدم صحّته ، بل إن كان حكم تلك الواقعة الحادثة حينئذ مقطوعا به بخصوصه ولو حكما ، عمل به وأفتى وحكم به قطعا فتوى ودليلا ، وإن لم يكن كذلك ، فلا بدّ من الاجتهاد ثانيا وتجديد النظر وتكريره ، ثمّ العمل والفتوى والحكم بما أدّى إليه هذا الاجتهاد المعتبر ، بلا خلاف فيه فيما أعلم فتوى ودليلا.
ولا فرق في ذلك هنا أيضا بين ذكر الدليل وعدمه ، ولا بين مضيّ الوقت المذكور وعدمه ؛ لعموم الدليل.
ومنها : ما كان الحكم المؤدّي إليه الاجتهاد السابق منسيّا له في حال حدوث مثل تلك الواقعة.
__________________
(١) انظر مفاتيح الاصول ، ص ٥٨٠.