مضافا إلى عدم الدليل على صحّة ما أدّى إليه الاجتهاد اللاحق بعد السابق ، عدا استصحاب صحّته الظاهريّة المندفعة بما دلّ على فساده الظاهري.
و(١) إن كان بعد العمل والفتوى والحكم به ، فأمّا بالإضافة إلى الحكم التكليفي من الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة الذي هو مقتضى الاجتهاد السابق ، فالحقّ المعتمد حينئذ عدم الحكم بالفساد ، بل الحكم بعدمه ، بلا إشكال فيه ، بل ولعلّه لا خلاف فيه ؛ للأدلّة الدالّة عليه حينئذ ، السليمة بالفرض عمّا يصلح للمعارضة.
مضافا إلى عدم الدليل الدالّ على فساده بهذا المعنى ، عدا ما دلّ على فساد الاجتهاد السابق بعد اللاحق ، وهو أيضا كما ترى لا يصلح للدلالة جدّا.
وأمّا بالإضافة إلى حكمه الوضعي ، من الصحّة والبطلان والجزئيّة والركنيّة والشرطيّة والسببيّة والمانعيّة وآثارها المترتّبة عليها وعدم ترتّبها ، فالحقّ المعتمد أن يقال : إن علم بالاجتهاد اللاحق بطلان السابق بحسب الواقع ، وأنّه لم يكن حكما شرعيّا في نفس الأمر ، فالظاهر أنّه يلزمه الحكم بفساد ما هو مقتضى الاجتهاد السابق ، والظاهر أنّه ممّا لا خلاف فيه بين الأصحاب ، كما في صريح المفاتيح (٢) .
بل الظاهر أنّه لا خلاف فيه بين المخطّئة كافّة ، بل ولعلّه عليه الإجماع ، كما يلوح أو يظهر من مطاوي كلماتهم في الفروع ، ويستفاد من كلماتهم في الاصول بل والفروع أيضا في بيان بطلان التصويب : الإجماع عليه منّا ، المحصّل والمنقول في كثير من العبائر ، وهو الحجّة كغيره من الأدلّة الدالّة على اعتبار العلم وحجّيّته ، ولزوم اتّباعه ، والدالّة على الفساد ، كما هو المفروض.
مضافا إلى أصالة الفساد وعدم الصحّة ولو في الجملة ، وعدم الدليل الدالّ على صحّة ما أدّى إليه الاجتهاد السابق بعد تغيّر الرأي ، عدا استصحاب صحّته الظاهريّة ، وهو أيضا كما ترى مندفع بما دلّ على فساده الواقعي ، الملزوم لفساده الظاهري أيضا
__________________
(١) عطف على قوله : « والذي يقتضيه التحقيق أن يقال : إن كان ... » .
(٢) مفاتيح الاصول ، ص ٥٨١.