على ما أدّى إليه اجتهاده ، وعلى كونه المتّبع والمعمول به ، المعتضد بعموم ما دلّ على عدم جواز التقليد ، وعدم جواز العمل بغير العلم ، وعدم وجوب الاحتياط ، وبالعمومات الآتية الدالّة على حجّيّة عمل العالم بعلمه وصحّته.
مضافا إلى تأييده أو اعتضاده بوجوه أخر :
منها : ما تمسّك به جماعة من رواية أبي خديجة ـ المنجبر ضعف سندها بالاشتهار بين الأصحاب واتّفاقهم ، كما عن المسالك (١) ، وفي مجمع الفائدة وغيره على العمل بمضمونها ولو في الجملة (٢) ـ : « ولكن انظروا إلى رجل يعلم شيئا من قضايانا ، فاجعلوه بينكم قاضيا ، فإنّي قد جعلته قاضيا ، فتحاكموا إليه » فتأمّل.
ومنها : ما دلّ من العقل والإجماع المنقول في صريح المنية على وجوب ترجيح الراجح على المرجوح وبطلان ترجيح المرجوح ؛ فتأمّل.
ومنها : ما دلّ من العقل والإجماع المنقول من الإيضاح وغيره على وجوب دفع الضرر المظنون (٣) ؛ فتأمّل.
ومنها : ما قيل : وظاهر أنّ العمل بالروايات في عصر الأئمّة للرواة بل وغيرهم أيضا لم يكن موقوفا على إحاطتهم بمدارك كلّ الأحكام والقوّة القويّة على الاستنباط ، بل يظهر بطلانه بأدنى اطّلاع على حقيقة أحوال قدماء الأصحاب (٤) ؛ فتأمّل فيه.
ومنها : ما أفاده بعض الأعاظم من المشايخ ـ طاب ثراه ـ بقوله : إنّ اشتراط الاطّلاع على مدارك جميع الأحكام بالنسبة إلى كلّ مسألة مسألة ـ بحيث يطّلع على أنّها هل لها دخل فيها ، أم لا ؟ ـ حرج عظيم ، ومناف للملّة السمحة السهلة ، ويأبى عنه خصوصيّات التكاليف الواردة والتتبّع فيها وفي سائر الأحكام الصادرة ، وكذا الأحاديث الخاصّة الواردة في التوسعة ، فالأصل عدمه ، بل الظاهر أنّه لم يوجد مجتهد
__________________
(١) مسالك الأفهام ، ج ١٣ ، ص ٣٣٥.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان ، ج ١٢ ، ص ٧.
(٣) إيضاح الفوائد ، ج ٢ ، ص ٢٥٦.
(٤) قال به الفاضل التوني في الوافية في اصول الفقه ، ص ٢٤٧.