إليه الإشارة.
وإن كانا متساويين علما وورعا ، أو لم يثبت له شرعا بعد التتبّع والفحص اللازم عليه تفاوتهما في ذلك ، أو قلنا بعدم وجوب تقليد الأعلم والأورع ، تخيّر فيما عدا ما يتفرّع على ما قلّد الأوّل من الأحكام على أحد القولين الآتيين بين الرجوع إلى كلّ منهما ، والعمل بفتوى كلّ من شاء منهما على الأصحّ ، وفاقا للنهاية والتهذيب ومنية اللبيب والذكرى والجعفريّة ومنية المريد وغيرها (١) .
وللمحكيّ عن المقاصد العليّة والإحكام والمختصر وشرحه ، بل الأكثر كما في منية اللبيب ، بل المعظم كما في صريح المفاتيح. (٢)
وللأصل ، والاستصحاب ، والعمومات الدالّة على عدم جواز نقض اليقين إلّا باليقين ، الموجبة لبقاء التخيير وعدم التعيين الثابتين قبل التقليد ؛ والعمومات الكثيرة المشار إليها ، الدالّة على التخيير والصحّة والجواز فيما نحن فيه ، السليمة عمّا يصلح للمعارضة ، المعتضدة أو المؤيّدة بالعمومات النافية للحرج والضرر في الشريعة ؛ وبعدم اشتهار القول بتعيين الرجوع إلى الأوّل مع كونه من الامور العامّة البلوى.
وبالسيرة المستمرّة المعهودة بين الشيعة ، بل المسلمين كافّة ؛ وبما قاله في النهاية والمنية والإحكام والمختصر وشرحه للعضدي ـ على ما حكاه السيّد السند الاستاد دام ظلّه العالي في المفاتيح ـ من أنّ العلماء لم يوجبوا في كلّ عصر رجوع من استفتاهم في كلّ حكم إليهم في جميع الأحكام ، بل سوّغ الصحابة وغيرهم استفتاء العامي لكلّ عالم في مسألة ولم يحجروا على العامّة في ذلك ، ولو كان ذلك واجبا لما سوّغوا السكوت
__________________
(١) نهاية الوصول إلى علم الاصول ، الورقة ٣٢٠ ؛ تهذيب الوصول إلى علم الاصول ، ص ٢٩٣ ؛ حكاه عن منية اللبيب في مفاتيح الاصول ، ص ٦١٦ ؛ ذكرى الشيعة ، ج ١ ، ص ٤٤ ؛ الجعفريّة ( حياة المحقّق الكركي وآثاره ) ج ٤ ، ص ١٣٤ ؛ منية المريد ، ص ٣٠٥. وانظر معارج الاصول ، ص ٢٨٠.
(٢) مفاتيح الاصول ، ص ٦١٦ ؛ وانظر المقاصد العليّة ، ص ٥١ ؛ الإحكام في اصول الأحكام ، ج ٤ ، ص ٤٥٩ ؛ المختصر مع شرحه للعضدي ، ص ٤٨٥.