الثاني : الاستصحاب ؛ إذ لا شكّ ولا شبهة في أنّ كلّا من الحجّيّة والصحّة من الأحكام الشرعيّة ، ولا شكّ في كونهما حادثتين ومسبوقتين بالعدم الأزلي ، فلا بدّ من الحكم ببقائهما على الحالة السابقة اليقينيّة في هذه الحالة أيضا ؛ عملا بالاستصحاب ؛ لعدم ثبوت الواقع اليقيني ولا القائم مقامه.
ولك أن تقرّر الاستصحاب بطريق آخر ، هو أنّه لا شكّ في عدم الصحّة وعدم الحجّيّة بالإضافة إلى المقلّد بعد الموت وقبل التقليد ، والرجوع إلى المفتي الحيّ القائل بالصحّة ، فكذا بعده ؛ عملا بالاستصحاب ؛ فتأمّل.
الثالث : العمومات الدالّة على عدم جواز نقض اليقين إلّا باليقين على تقدير مغايرتها للاستصحاب بالتقريب المشار إليه ، خرج عنها المفتي الحيّ الجامع للشرائط ، بالإجماع وغيره من الأدلّة ، بقي الباقي ـ ومنه محلّ البحث ـ تحتها ؛ فتأمّل.
الرابع : العمومات الدالّة على عدم العبرة بالتقليد وغير العلم ، المؤيّدة أو المعتضدة بما مرّت إليه الإشارة من إطلاق الإجماعات المنقولة السالفة ، وإطلاق فتاوى المعظم وغيره.
مضافاً إلى ما أفاده في المعالم بقوله :
على أنّ القول بالجواز قليل الجدوى على اصولنا ؛ لأنّ المسألة اجتهاديّة ، وفرض العامي فيها الرجوع إلى فتوى المجتهد ، وحينئذ فالقائل بالجواز إن كان ميّتا ، فالرجوع إلى فتواه دور ظاهر ، وإن كان حيّا ، فاتّباعه فيها والعمل بفتوى الموتى في غيرها بعيد عن الاعتبار غالبا ، مخالف لما يظهر من اتّفاق علمائنا على المنع من الرجوع إلى فتوى الميّت مع وجود الحيّ. بل قد حكى الإجماع فيه صريحا بعض الأصحاب (١) . انتهى.
فإنّه كما ترى ظاهر الشمول لما نحن فيه أيضا ؛ فتأمّل.
الخامس : عموم قوله سبحانه : ﴿ وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ ﴾(٢) بالتقريب المشار إليه سابقا ، خصوصا مع اعتضاده بالأخبار الكثيرة المتواترة ولو معنى الآمرة بأخذ
__________________
(١) معالم الدين ، ص ٢٤٢.
(٢) فاطر (٣٥) : ٢٢.