وبتقرير آخر : أنّ تقليد المقلّد قد صحّ في حال الحياة ـ كما هو المفروض ـ فالأصل بقاؤه بعد الوفاة أيضا.
وبتقرير آخر : إنّ المقلّد بعد التقليد والعمل بفتوى المفتي حال الحياة لا يجوز ولا يصحّ له العدول عنه فيما قلّده إلى غيره من دون سبب شرعيّ مجوّز للعدول ، ولم يعلم كون الموت سببا شرعيّا مجوّزا للعدول ، فيستصحب البقاء وعدم جواز العدول.
وبتقرير آخر : إنّ قول المفتي وفتواه حجّة شرعا حال الحياة ، ولم يعلم كون الموت مانعا عن الحجّيّة ، فتستصحب.
وفيه ما لا يخفى ، أمّا أوّلا : فلعدم جريان الاستصحاب بجميع هذه التقريرات هنا :
أمّا على تقدير عدم إمكان الوصول إلى المفتي الحيّ الجامع للشرائط ، فواضح ؛ إذ حجّيّة الاستصحاب إنّما هي بالإضافة إلى المفتي خاصّة ، والفرض عدم إمكان الوصول إليه ، فأين الاستصحاب النافع للمقلّد المفروض ؟
وكذا على تقدير عدم إمكان الوصول إلّا إلى المفتي الميّت ؛ إمّا لذلك ، وإمّا لعدم إمكان المصير إليه في ذلك ؛ للزوم الدور أو التسلسل أو غيرهما ممّا لا يخفى ، سيّما بعد ما مضى وسيأتي.
أمّا على تقدير إمكان الوصول إلى المفتي الحيّ الجامع للشرائط القائل بالمنع وعدم الصحّة ، فواضح أيضا كما لا يخفى.
وأمّا على تقدير إمكان الوصول إلى المفتي الحيّ الجامع للشرائط القائل بالجواز ، فكذلك ظاهر لا يخفى.
أمّا على تقدير كون المفتي الميّت المفروض قائلا بعدم جواز البقاء على تقليد الميّت فيما قلّده المقلّد ، وبعدم صحّته بعد موته ، فلوضوح اختصاص جميع ما افتي به وصحّته وحجّيّته في حقّه وحقّ مقلّديه بحال حياته خاصّة ، وعدم صحّته وعدم حجّيّته بعد وفاته أصلا ورأسا كما هو مقتضى فتواه ، ومعه لا معنى لجريان الاستصحاب هنا ؛ إمّا لتغيّر موضوع الحكم بالصحّة والحجّيّة من حيث هو موضوع ،