الإجماع بعده ، ولا ينعقد في حياته على خلافه ، وهذا هو المشهور بين أصحابنا ، خصوصا المتأخّرين منهم ، بل لا نعلم قائلا بخلافه صريحا ممّن يعتدّ بقوله ، لكن هذا الدليل لا يتمّ على اصولنا ، من أنّ العبرة في الإجماع إنّما هو بدخول المعصوم ، كما لا يخفى ، والثالث : المنع منه مع وجود الحيّ لا مع عدمه. انتهى (١) .
وهو ـ كما ترى ـ ينادي بأعلى صوته بأنّ مذهب الإماميّة المنع بالإضافة إلى صورة الحيّ أيضا. ويعضده أيضا إطلاق سائر الإجماعات المنقولة السالفة على المنع.
ويؤيّده أيضا احتجاج جماعة منهم ـ كالعلّامة في النهاية والتهذيب والشهيد في الذكرى وغيرهم (٢) ـ بأنّ الميّت لا قول له ، وقوله كالميّت ، وبانعقاد الإجماع بعده على خلافه.
ومن البيّن أنّ هذا أقوى وأرجح من ذاك ، سيّما مع اعتضاده أو تأييده بفتوى المشهور أو الأكثر على الظاهر.
مضافا إلى الوجوه السالفة ، الدالّة على المنع وعدم الصحّة.
ومنها : عموم ما دلّ على نفي العسر والحرج في الشريعة ، بناء على استلزام القول بالمنع وعدم الصحّة للعسر والحرج الشديدين المنفيّين ، ويلزم نفيهما هنا للجواز والصحّة.
وفيه أيضا ما لا يخفى :
أمّا أوّلا : فلأنّ العسر والحرج إنّما يتحقّق حينئذ فيما إذا ثبت اشتغال ذمّة المكلّف المستفتي حينئذ بالتكليف ، ولم يتمكّن من تحصيل الحكم الشرعيّ بسهولة بالاجتهاد ، ولم يتمكّن أيضا عند تعذّر تحصيله به أو تعسّره من الاحتياط بما يحصل
__________________
(١) منية المريد ، ص ٣٠٥.
(٢) نهاية الوصول إلى علم الاصول ، الورقة ٣١٧ ؛ تهذيب الوصول إلى علم الاصول ، ص ٢٨٩ ؛ ذكرى الشيعة ، ج ١ ، ص ٤٤ ؛ وانظر مبادئ الوصول إلى علم الاصول ، ص ٢٤٨.