لأن لا يخرج عن الدين ، ويبقى بلا عمل وطاعة. انتهى كلامه ـ دام ظلّه ـ ملخّصا (١) .
أقول : وإن كان ما أفاده لعلّه أحوط ، إلّا أنّ في وجوبه عليه وتعيّنه في حقّه تأمّلا وإشكالا من جهة الشكّ في أصل التكليف وكونه مكلّفا به ، نظرا إلى ما دلّ من العقل والنقل على اشتراط علم المكلّف بهما وبالمكلّف به ولو حكما وبواسطة.
نعم ، لو قلنا ببقائه وثبوته حينئذ أيضا في حقّه لاتّجه ذلك ؛ حذرا عن الإخلال بالتكليف الثابت ، وامتثالا وخروجا عن العهدة ، إلّا إذا حصل له الظنّ به من غير ذلك ، فحينئذ يحتمل قويّا لزوم اتّباعه ما لم يكن في اعتقاده مقطوعا بعدم اعتباره.
وكيف ما كان ، فهذه الصورة محلّ التأمّل والإشكال كما لا يخفى على العارف بحقيقة الحال.
ومنها : ما كان جاهلا بالحكم الشرعي في بعض الوقائع ، فإن لم يتمكّن عن تحصيله رأسا لا بالاجتهاد ولا بالاحتياط ولا بالتقليد أصلا.
وحينئذ لا تكليف عليه كما في الصورة الاولى ؛ لما سبقت إليه الإشارة ثمّة ، إلّا إذا كان الحكم الشرعي المجهول حكما وضعيّا ، فالتحقيق هنا ـ كما في الصورة الاولى ـ يقتضي البناء على ما يقتضيه الأصل.
فإن كان الحكم المجهول هو الصحّة ، بني على الفساد ظاهرا ، كما إذا كان هو المانعيّة أو السببيّة ، يبنى على المانعيّة في الأوّل ، وعدم السببيّة في الثاني ، وإن كان في الشرطيّة أو الجزئيّة أو الركنيّة ، فاللازم البناء على الشرطيّة في الأوّل ، والجزئيّة في الثاني ، والركنيّة في الثالث ، ما لم يحتمل في كلّ منهما المانعيّة.
وإن تمكّن عنه بالاجتهاد خاصّة ، وجب عليه قولا واحدا فيما أعلم ، فتوى ودليلا.
وإن تمكّن عنه بالاحتياط خاصّة ، وجب عليه ما لم يلزم منه الحرج ؛ لما مرّت إليه الإشارة ، إلّا إذا كان المجهول من الأحكام التكليفيّة التحريميّة أو الإيجابيّة ، ففي
__________________
(١) مفاتيح الاصول ، ص ٦٢٦.