إطلاقهم ، وهذا حسن إلّا أنّ لقائل أن يقول : إنّ لفظ الواجب في العرف الاصولي قد تجرّد عن معنى الحدوث (١) وصار حقيقة فيما تعلّق به (٢) الخطاب في الجملة وعلى الجملة ، فالأمر في ذلك سهل.
واحترزوا بالمقدور عن نحو تحصيل القدم في القيام ، والسعي إلى الجمعة في الزمان ممّا (٣) لا يقدر عليه المكلّف بذلك الواجب ، سواء كان ممّا (٤) يتعلّق به القدرة الحادثة أم لا.
إذا عرفت ذلك ، فقد اشتهر الخلاف في وجوب مقدّمة الواجب المطلق المقدورة ، سواء كانت سببا كالصعود للكون على السطح ، أم شرطا عقليّا كنصب السلّم له ، أو عاديّا كإدخال جزء من الرأس لغسل الوجه ، أو شرعيّا كالوضوء للصلاة ، وربّما نقل الإجماع على وجوب السبب لما سيأتي ، وخصّ الخلاف بالشروط الثلاثة. (٥)
وصرّح بعضهم بجريان الخلاف فيه ، ويمكن بناء دخوله في النزاع على تحرير محلّه ، وبيان ذلك أنّ الظاهر من كلام الأكثر أنّه لا خلاف في بقاء الواجب (٦) المطلق على إطلاقه ، وعدم تقيّد (٧) وجوبه بتلك المقدّمة ، ولا في وجوب المقدّمة بمعنى (٨) لابدّيّة فعلها ، إنّما الكلام في أنّها هل توصف بالوجوب الشرعي ـ بمعنى تعلّق الخطاب بها تبعا لتعلّقه بمشروطها (٩) ، كتعلّق الخطاب بالتابع في دلالة الإشارة والإيماء ، حتّى يكون
__________________
(١) ب : الحدوثي.
(٢) الأصل : ـ به.
(٣) ألف وب : فيما.
(٤) ألف وب : فيما.
(٥) لاحظ : كفاية الاصول ، ص ١٢٧ و١٢٨ ؛ فوائد الاصول ، ج ١ ، ص ٦٩ ؛ نهاية الأفكار ، ج ١ ، ص ٢٥٨ ؛ نهاية الاصول ، ص ١٥٣ ؛ محاضرات في اصول الفقه ، ج ٢ ، ص ٢٩٣ ؛ تحريرات في اصول الفقه ، ج ٣ ، ص ٥ و٦ ؛ المحصول للرازي ، ج ٢ ، ص ١٩١ و١٩٢ ؛ الإحكام للآمدي ، ج ١ ، ص ١١٠ ؛ المستصفى للغزالي ، ص ٥٨.
(٦) حاشية الأصل : « يعني بقاء وجوبه » .
(٧) ألف وب : تقييد.
(٨) ب : ـ بمعنى.
(٩) حاشية الأصل : « وذلك كما في أعتق عبدك عنّي ، فإنّ الأمر بتمليكه يفهم منه تبعا ؛ لقوله عليهالسلام : لا عتق [ إلّا في ملك ] وكذا أكرم العالم ؛ فإنّ ... » . وانظر : التهذيب ، ج ٨ ، ص ٢١٧ ، ح ٧٧٤ ؛ المبسوط ، ج ٦ ، ص ٩٦ ؛ المهذّب ، ص ٣٧٨.