الخطاب بالكون على السطح مثلا خطابا بأمرين : أحدهما الكون ، والآخر سببه أو شرطه ، حتّى يكون تارك ذلك عاصيا بترك واجبين ـ أم لا توصف بالوجوب الشرعي وإن كان لا بدّ منها عقلا في تحصيل الواجب ، والخطاب ليس إلّا بنفس الموقوف ، ولا يتعلّق بالمقدّمة خطاب أصلا ، لا أصلا ولا تبعا ، فلا يعصي تارك الكون على السطح إلّا من جهة تركه فقط دون جهة ترك نصب السلّم مثلا.
وعلى هذا يمكن إدخال السبب في الخلاف ، بأن يجعل تعلّق الخطاب بالمسبّب تعلّقا به تبعا ، أو لا يجعل.
ويظهر من كلام السيّد المرتضى ـ رضي الله عنه ـ أنّ الخلاف في أصل اللابدّيّة وفي بقاء الواجب (١) المطلق على إطلاقه (٢) ، وربّما كان كلامه في الشافي صريحا في ذلك ، (٣) حيث أجاب عن استدلال المعتزلة على وجوب (٤) نصب الإمام بكونه مقدّمة لإقامة الحدود بمنع وجوب شرط الواجب ، فيرجع النزاع إلى أنّ الواجب إذا اطلق وجوبه (٥) بالنسبة إلى ما يتوقّف عليه وجوده هل يبقى على إطلاقه ، ويكون واجبا حال وجود المقدّمة وحال عدمها محافظة على إبقاء الأمر على ظاهره من الإطلاق ، فيعصي بتركه على كلّ حال ، أو يختصّ وجوبه بحال وجود المقدّمة ، ولا يلزم تحصيلها شرعا ولا عقلا ، فلا يعصي بترك الموقوف عليها إلّا إذا تركه حال اتّفاق وجودها محافظة على الظاهر والأصل من اتّحاد متعلّق الخطاب ، وهربا من انتفاء الوجوب عمّا يجب به تحصيل الواجب كما سيأتي ، فالكون على السطح لا يجب إلّا حيث اتّفق (٦) نصب السلّم منه أو من غيره ، فلو تركه بدون اتّفاق نصب السلّم لم يعص ؟
وعلى هذا فلا مجال لدخول السبب في محلّ النزاع ؛ لأنّ مرجع القول بعدم وجوب
__________________
(١) حاشية الأصل : « يعني بقاء وجوبه » .
(٢) انظر : الذريعة إلى اصول الشريعة ، ج ١ ، ص ٨٣ و٨٤.
(٣) حاشية الأصل : « صرّح بأنّه لا بدّ من السبب في النزاع » ، كذا قرأناه. وانظر : المعالم ، ص ٦٠ ؛ قوانين الاصول ، ص ١٠٠.
(٤) حاشية الأصل : « عقلا » .
(٥) ألف : ـ وجوبه.
(٦) ألف : يتّفق.