وبتقرير آخر : الأمر يقتضي وجوب الفعل مطلقا ، أي في جميع الأحوال ومن جملتها حال عدم المقدّمة ، فتكون مأمورا بها حال عدمها ، وهو تكليف بالمحال.
وبتقرير ثالث : لو كانت المقدّمة غير واجبة ، لكان الآمر كأنّه قال : أبحت لك ترك المقدّمة ، وأوجبت عليك الفعل حال تركها ، وهو عين التكليف بالمحال.
ومرجع الجميع واحد ، وهو دعوى استلزام وجوب الفعل حال عدم وجوب المقدّمة (١) وجوبه حال عدمها على أنّ حال عدمها ظرف للفعل ، وهو ظاهر الضعف ؛ إذ وصفها بالوجوب وعدمه لا دخل لها في وجودها (٢) ، ضرورة إمكان وجودها وعدمه مع وجوبها وعدمها ، والمحال هو وجوب الفعل حال عدمها على أنّ حال العدم ظرف الفعل كما ذكرنا ، لا حال عدم وجوبها.
وظاهر أنّ عدم وجوبها لا يستلزم عدم وجودها ، وليس المحال مجرّد التكليف بالفعل حال عدمها على أنّ « حال العدم » قيد التكليف والوجوب وظرف لهما ، وإلّا لزم التكليف بالمحال على القول بالوجوب أيضا ؛ لثبوت التكليف (٣) بالفعل عندهم حال عدم المقدّمة ، وتخيّل (٤) الفرق بين التكليف بالفعل حال عدم المقدّمة الواجبة وبين التكليف (٥) حال عدم المقدّمة الجائزة تركها ، وجعل المحال هو الثاني دون الأوّل ضعيف ؛ لما ذكرنا من أنّ وصفها بالوجوب والجواز لا دخل له (٦) في الوجود وعدمه ، فلا مدخل له (٧) في المحاليّة.
ثانيها : ما ذكره الغزالي وتبعه الآمدي وهو الإجماع على وجوب تحصيل الواجب ، وتحصيله إنّما هو بتعاطي ما يتوقّف عليه ، ووجوب تحصيله بما ليس بواجب تناقض. (٨)
__________________
(١) ألف : + استلزام.
(٢) ألف : + وعدمه.
(٣) ألف : ـ « على القول بالوجوب أيضا ؛ لثبوت التكليف » .
(٤) ألف : + به.
(٥) ب : ـ التكليف.
(٦) ألف وب : لهما.
(٧) ألف وب : لهما.
(٨) انظر : المستصفى ، ص ٥٨ ؛ المنخول ، ص ١٨٥ ؛ الإحكام ، ج ١ ، ص ١١١.