ولمّا رأى السيّد ـ قدسسره ـ أنّ القول الثاني لا يمكن جريانه في السبب ؛ (١) لما ذكرنا من استلزام ذلك تقييد وجوب الشيء بوجود نفسه قيّده بغير السبب وصار إليه.
فقد تلخّص في المسألة على هذا التحرير بحسب الظاهر ثلاثة أقوال :
أحدها : إبقاء الأمر مطلقا على إطلاقه واستلزم الخطاب به الخطاب بمقدّمته كما أطلقه القدماء وعبّروا عنه بوجوب ما لا يتمّ الواجب إلّا به.
ثانيها : عدم إبقاء الأمر مطلقا على إطلاقه ، وتقييد وجوبه بوجود مقدّمته ، فلا يجب إلّا مع اتّفاق المقدّمة ولا يجب تحصيلها.
ثالثها : الفرق بين السبب وغيره ، فيبقى الواجب المطلق بالنسبة إلى السبب على إطلاقه ، ولا يتقيّد وجوب المسبّب بوجوده ، ويصرف إلى التقييد في غيره ، وهو مختار السيّد قدسسره. (٢)
ولمّا كان الخلاف على هذا الوجه غير متصوّر في السبب ـ كما قلنا ـ سقط القول الثالث ، وإنّما ذكرناه نظرا إلى الظاهر.
وانحصر الخلاف في غير السبب على قولين :
الأوّل (٣) وجوب المقدّمة والبقاء على الإطلاق.
والثاني صرف الأمر إلى التقييد بالشرط.
حجّة القول الأوّل ظاهرة ممّا سبق ، وحاصلها التمسّك بأصالة البقاء على الإطلاق والهرب مع بقائه ، وعدم وجوب الشرط عن تكليف ما لا يطاق.
وقد عرفت ما فيه.
__________________
(١) انظر : الذريعة إلى اصول الشريعة ، ج ١ ، ص ٨٣ و٨٤.
(٢) انظر : الذريعة إلى اصول الشريعة ، ج ١ ، ص ٨٣ و٨٤.
(٣) ألف وب : ـ الأوّل.